يتعرض الرئيس الفلسطيني محمود عباس لانتقادات شديدة من جانب فلسطينيين يعتقدون أنه يفرط في التساهل مع إسرائيل، بعد أن انتقد تقريراً للأمم المتحدة الحرب في غزة. غير ان هذه ليست الا مشكلة من المشاكل التي يواجهها عباس: 1. تقرير الأممالمتحدة بشأن جرائم الحرب استجابت السلطة الفلسطينية في اجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف يوم الجمعة لإلحاح الولاياتالمتحدة وقوى غربية أخرى لتأجيل خطوة إحالة تقرير لجنة للتحقيق يرأسها ريتشارد جولدستون إلى مجلس الأمن حتى مارس آذار. ويقول التقرير إن من المحتمل أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في قطاع غزة في يناير كانون الثاني. كما وجه التقرير أيضا انتقادات إلى حركة حماس التي تسيطر على القطاع. وأدى ذلك إلى عاصفة من الانتقادات لعباس في الضفة الغربية وقطاع غزة وكذلك في شتى انحاء العالم العربي. وقال مؤيدو التأجيل إنه سيساعد مساعي السلام بين عباس وإسرائيل. ولا يتوقع أحد أن يوجه مجلس الأمن اللوم الى إسرائيل. واعترف مساعدون لعباس بأن السلطة الفلسطينية ارتكبت خطأ بتأجيل التقرير وهو قرار قالوا إنه بني على "معلومات خاطئة". 2. حماس حققت حماس فوزا ساحقا على حركة فتح التي يتزعمها عباس في الانتخابات العامة عام 2006 بعد سنة من تولي عباس رئاسة السلطة الفلسطينية خلفا لياسر عرفات. وأدى تشكيل حكومة تقودها حماس الى حصار دولي عانى منه الفلسطينيون. وفي عام 2007 اتهمت حماس عباس والولاياتالمتحدة بالتآمر للإطاحة بها من السلطة. وانتهى قتال في قطاع غزة في يونيو حزيران بسيطرة حماس الكاملة على القطاع، بينما ظلوا عرضة للقمع في الضفة الغربيةالمحتلة حيث عين عباس حكومة خبراء فنيين (تكنوقراط). وحاولت مصر حل الخلاف المرير وتقول إن اتفاقا يمكن أن يوقع في 25 أكتوبر تشرين الأول المقبل، تمهيدا لاجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في الضفة والقطاع في يونيو حزيران. لكن الجانبين لديهما تحفظات عميقة تجعل المراقبين يتشككون بشأن احتمال توقيع اتفاق نهائي. 3. إسرائيل يريد عباس أن تقبل إسرائيل قيام دولة فلسطينية في الاراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967. وتقول الولاياتالمتحدة وقوى أخرى إنها تريد ذلك أيضا. وتقول إسرائيل إنها مستعدة من حيث المبدأ لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو يعتقد أن ضعف عباس في مواجهة حماس يجعله غير قادر على ضمان أمن إسرائيل. كما يريد الاحتفاظ بالمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، ولن يقبل مطلب عباس التفاوض على اقتسام القدس وعودة اللاجئين الذين غادروا عام 1948. ويتعرض عباس للانتقاد من الفلسطينيين في الداخل لأنه لم يستطع إعادة إسرائيل إلى طاولة المفاوضات بشروط يقبلها الفلسطينيون. 4. باراك أوباما تحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما بلهجة حاسمة بعد ان تولى منصبه هذا العام عن توسيع اسرائيل للمستوطنات في الضفة الغربية. ولكن بعد ان قال عباس إنه لن يلتقي بنتنياهو إلا إذا جمدت إسرائيل الاستيطان أقنعه أوباما بحضور اجتماع في الأممالمتحدة الشهر الماضي. وطلب أوباما من إسرائيل "الحد" من الاستيطان لا "تجميده". ونتيجة لذلك، بدا عباس ضعيفا في نظر كثير من الفلسطينيين الذين يرون أن أوباما خذله وخذلهم. ويعود المبعوث الأمريكي جورج ميتشل إلى المنطقة هذا الأسبوع وقد يتطلع الى تفهم إسرائيلي لمساعدة عباس على حفظ ماء وجهه في الداخل. إلا ان لا أحد يتوقع تنازلات كبيرة من نتنياهو في اطار مساعي أوباما لاستئناف المفاوضات بينهما. 5. فتح تمكن عباس من تنظيم أول مؤتمر عام لحركة فتح منذ 20 سنة في بيت لحم في أغسطس آب، مما عزز وضعه في الحركة التي شكك كثيرون داخلها في سلطته كخليفة لعرفات. وفاز عباس بتصويت شرفي على الثقة فيه كزعيم. لكن كثيرين داخل معسكره يشككون في قدرته على حشد التأييد الشعبي بعد أن قضى سنوات طويلة يعمل في الشؤون التنظيمية في ظل عرفات. وأشد منافسيه، مروان البرغوثي (50 سنة)، معتقل في سجن إسرائيلي. وليس واضحا متى يمكن أن تجرى الانتخابات، في أي حال. لكن الانتقادات في الكواليس لا تحسّن من موقف عباس.