بحث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والرئيس السوري بشار الأسد خلال جلسة المحادثات الموسعة التي عقدها الجانبان بعد عصر أمس في قصر الشعب بدمشق مجمل الأوضاع على الساحات العربية والإسلامية والدولية، وفي مقدمها تطورات القضية الفلسطينية، إضافة إلى آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين، وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، في حضور الوفدين الرسميين للبلدين. وقلد الرئيس بشار الأسد خادم الحرمين الشريفين - في بداية الجلسة - وسام أمية الوطني ذي الوشاح الأكبر الذي يمنح عادة لكبار زعماء وقادة دول العالم. كما قلد الملك عبدالله الرئيس الأسد قلادة الملك عبدالعزيز التي تمنح لكبار قادة وزعماء دول العالم. وعقد خادم الحرمين الشريفين، والرئيس السوري قبل مغرب أمس اجتماعاً في المقر المعد لإقامة خادم الحرمين الشريفين في قصر الشعب بدمشق. وجرى خلال الاجتماع - الذي حضره مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز - استكمال بحث المواضيع التي بحثها الزعيمان في جلسة المحادثات الموسعة. إلى ذلك، وفي حضور خادم الحرمين الشريفين والرئيس بشار الأسد، جرى أمس في قصر الشعب بدمشق التوقيع على اتفاق تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي على الدخل وعلى رأس المال بين حكومة المملكة العربية السعودية والحكومة السورية. وقع الاتفاق عن الجانب السعودي، وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، وعن الجانب السوري وزير المالية الدكتور محمد الحسين. عقب ذلك، تبادل الوزيران النسخ الموقعة، ثم تشرفا بالسلام على خادم الحرمين الشريفين والرئيس السوري. وحضر مراسم التوقيع الوفدان الرسميان للبلدين الشقيقين. وتأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى دمشق إثر التطور الإيجابي في العلاقات بين البلدين خلال الأشهر القليلة الماضية، ابتداءً من مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة الكويت الاقتصادية في شباط (فبراير) الماضي لتحقيق المصالحة العربية، مروراً بقمة المصالحة العربية الرباعية التي ضمت سورية والسعودية ومصر والكويت في الرياض آذار (مارس) الماضي، وصولاً إلى الرسائل المتبادلة بين قيادتي البلدين، وزيارة الأسد الأخيرة للمملكة في أيلول الماضي. وعقد الرئيس الأسد والملك عبدالله الشهر الماضي محادثات ثنائية في جدة تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق تعزيزها، بعد أن شارك الأسد في افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في مدينة ثول شمال جدة في حضور عدد من رؤساء الدول العربية والأجنبية. ووضعت زيارة ملك المملكة العربية السعودية في سياقها العربي والإقليمي، خصوصاً في ظل محاولة تحسين أجواء العمل العربي المشترك، وتحليل الوضع السياسي في المنطقة، لا سيما في العراق وفلسطين وعملية السلام. وتعكس الزيارة التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين إلى سورية مدى التحسن الذي شهدته العلاقات بين البلدين، الفترة الأخيرة. ووصفت الأوساط السياسية زيارة الرئيس الأسد إلى السعودية بأنها زيارة مهمة للغاية أسست لمرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، وقد تم خلالها التأكيد على أهمية استمرار التعاون بين البلدين لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين والعرب جميعاً. وحظيت باهتمام كبير ونظر إليها الكثيرون على أنها الزيارة التي تعيد الحرارة إلى خطوط الاتصال السورية- السعودية. وتأتي زيارة خادم الحرمين إلى سورية لتؤكد مجدداً أن العلاقات السورية- السعودية وطيدة ومستمرة، وتعكس عمق أواصر الأخوة التي تربط القيادة بين كلا البلدين قيادة وشعباً. وفي الوقت الذي تؤكد فيه الزيارة على التعاون والتنسيق بين البلدين تلقي أيضاً بظلالها على مختلف أشكال العلاقات ولاسيما الاقتصادية منها، إذ تعطي هذه العلاقات زخماً جديداً ودفعة قوية إلى الأمام. وعلى الرغم من أن الفعاليات في كلا البلدين تؤكد أن العلاقات كانت دائماً جيدة في المجالات الاقتصادية فإنها تُنظر بارتياح إلى الزيارة على أمل أن تدفع إلى مزيد من التعاون و العمل المشتركين، ولاسيما أن المملكة العربية السعودية إذ تشكل أكبر سوق للمنتجات السورية على اختلاف أنواعها، كما أن بإمكان القطاع الخاص في المملكة أن يستثمر بقوة في سورية، وهو ما سيترك أثره في الاقتصاد في كلا البلدين. وتؤكد مصادر اقتصادية أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين جيدة ومناسبة، وأن بالإمكان البناء عليها لتحقيق انطلاقة قوية إلى الأمام، ولاسيما أن مقومات العمل المشترك والتعاون موجودة في كلا البلدين. وترتبط الرياضودمشق بمعاهدة منطقة التجارة العربية الحرة، إذ يسمح لكلا البلدين بإدخال كل السلع المنتجة في البلد والتي تتحقق فيها شروط وقواعد إلى البلد الآخر من دون أي قيد. كما أن كل السلع المتبادلة بينهما معفاة من الرسوم الجمركية، وهو ما يسهل عملية التبادل التجاري. وعلى مدار السنوات الماضية عقدت اللجنة الوزارية المشتركة العديد من الاجتماعات منذ إنشائها عام 1991، وقد أكدت اجتماعات اللجان ضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات لتحسين العلاقات وتطويرها، إذ تم تعديل بعض نصوص المادة ال15 من الاتفاق التجاري وإنجاز إجراءات المصادقة على الاتفاقات الأخرى، وعودة سريعة إلى مقررات اللجان تبين أنها حاولت على الدوام تذليل العقبات وإزالة الصعوبات التي تقف في وجه تطوير التجارة. ومن الملاحظ أن الاتفاقات تشمل كل المجالات، إذ تم الاتفاق على تسهيل حركة السياحة بين البلدين وتبادل المعلومات والزيارات بين مسؤولي السياحة في البلدين، وكذلك الأمر بالنسبة للمجالات الزراعية والصناعية والمالية والصحية، كما شملت الاتفاقات الاتصالات والنقل.