تخشى الأسر المسيحية في مدينة كركوك التي تضم خليطاً من العرب والأكراد والتركمان أن يؤدي استمرار الخلاف السياسي على المدينة الى استهداف مزيد من أبنائها، وبالتالي إجبارها على الهجرة. وتتعزز مخاوف هذه الأسر في ظل استمرار التحذيرات الأمنية من استهدافهم. وأوضح مصدر أمني طلب عدم ذكر اسمه ل «الحياة» أن «المسيحيين في كركوك يشعرون بتجاهل أوضاعهم وخصوصاً الأمنية منها بسبب السجال السياسي حول ضم المدينة الى اقليم كردستان أو بقائها ضمن إشراف الحكومة المركزية». وكانت الشرطة العراقية عثرت على جثة الموظف في وزارة الصحة في كركوك عماد ايليا الأحد الماضي بعد خطفه على أيدي مسلحين، وهو حادث سبقته عملية خطف لسيدتين مسيحيتين. والصراع على كركوك انعكس بدوره على مواقف المسيحيين أنفسهم، إذ ترى بعض الاحزاب السياسية المسيحية أن ضم المدينة الى اقليم كردستان لن يؤثر في حقوق المسيحيين، بل سيضمن عدم استهدافهم من المجموعات المسلحة، كما يقول بطرس اسطيفا من «الحركة الديموقراطية الآشورية». ويؤكد اسطيفا ل «الحياة» أن «إلحاق كركوك بكردستان سيوفر الأمن للعائلات المسيحية التي اختار بعضها اللجوء الى اقليم كردستان هرباً من الاستهداف المستمر». ويضيف أن «علينا بكل الأحوال الحفاظ على الهوية المسيحية في غالبية المناطق المعروفة بتراثها المسيحي في كركوك وكردستان عبر جعلها مناطق تتمتع بحكم ذاتي للمسيحيين». وفيما أثارت دعوة الأحزاب التركمانية إلى تشكيل فصائل مسلحة لحماية ممتلكات التركمان وأرواحهم في كركوك والمناطق المختلف عليها، رغبة مشابهة لدى أقليات أخرى مثل الازيديين والشبك والصابئة في عدد من المناطق والمدن العراقية، يعتبر مسيحيو كركوك مثل هذه التشكيلات تعزيزاً للمحاصصة العرقية والدينية وديمومة للتردي الأمني. ويقول سرجون متي، وهو رب أسرة مسيحية تعيش في حي «تسعين» في كركوك، ل «الحياة» إن «ما يتعرض له المسيحيون من استهدافات وعمليات خطف، اضافة الى تعرض أماكن عباداتهم الى اعتداءات مسلحة هو استهداف خارج عن الخلاف والصراع السياسي في المدينة ما يثير تساؤلات لدى اكثر من عشرة آلاف مسيحي في المدينة عن دوافع هذه الاستهدافات». ويرى متي أن «التعاطي مع الأزمة الأمنية لا يمنح الحق لأي طائفة أو مكون تشكيل مجموعات مسلحة بمعزل عن الشرعية». من جهته، يؤكد شورايا ماليخا وهو سياسي مسيحي مستقل ل «الحياة» أن «الأحزاب المسيحية فشلت في تأكيد وجود المسيحيين في كركوك وأن عدم الاعتراض على نسبة 32 في المئة من السلطة الادارية للأكراد والعرب والتركمان، وأربعة في المئة للمسيحيين، عمّق ضعف هوية المسيحيين وحقوقهم ليس في كركوك فحسب بل في البصرة والموصل واقليم كردستان». وزاد أن «من المفروض أن يكون تقاسم السلطات الادارية بنسبة 25 في المئة لكل مكون». وفيما يبقى استهداف المسيحيين من دون علاج واجراءات حكومية، أكد مواطنون من أبناء الطائفة في حي غرناطة الذي يضم خليطاً عرقياً أن «أكثر من 120 عائلة غادرت كركوك الشهر الجاري بسبب الاستهداف المنظم لوجودهم». وحذر رئيس أساقفة كركوك للمسيحيين الكلدان لويس ساكو من خطورة هذا الاستهداف، وخصوصاً اذا كان لدوافع سياسية أو جهل في نظرية التعايش والتسامح الديني.