الحياة بلا معنى كسائق بلا مقود... الحياة إبداع وعطاء عندما تكون حياة هادفة وناجحة، وما أمتعها عندما يقرر الإنسان أن يعيشها بالإرادة الصادقة في التعبير والمبادئ والمواقف والأفكار والإنجاز والأهداف والمحبة، والإنسان يستمد قوته من تمسكه بمبادئه وبغاياته وأهدافه السامية. وفي حياتنا نحلم ونتمنى ونحاول ولكن أحياناً الرياح تجري بعكس التيار، فتدفع إما يميناً وإما يساراً أو للخلف فتصبح الحياة بعكس السير، ولكن الإنسان القوي الصلب من يقف أمام هذه الرياح بكل شموخ وعزة وإباء ولا يسير عكس السير... الإنسان الذي لا يسير بعكس السير صاحب المبدأ القوي والثابت واثق الخطى بالفعل والتطبيق وليس بالكلمات... حياة عكس السير هي حياةٌ يملؤها الضيق ويعكر صفوها التشتت... حياة لا تكون فيها الرؤية واضحة، فالإنسان لا يدرك إلى أين يتجه وإلى أين سيصل في نهاية الطريق؟ كم أستمتع عندما ألتقي «بفلان حكيم» الذي يسعى إلى هدف منشود وسامٍ بوسائل وطرق خلاقة ومثالية لحاجتنا لأمثال هؤلاء الحكماء لنضوج عقولهم وسلامة آرائهم وللاستئناس بهم على الأقل في زمن «اللعب على كل الحبال لإثبات الذات»، وكم يستفزني الضيق والألم عندما ألتقي «بفلان» يعيش حياة عكس السير. رجل المبادئ الذي لا يتأثر بالرياح ولا تجبره على السير بعكس السير بعيداً عن قناعاته هو ذاك الذي يفكر ويتخذ قراراته بناء على أفكار ومبادئ يؤمن بها أشد الإيمان ومقتنع بصحتها وصوابها في كل الأحوال والمواقف والمنعطفات والتناقضات. استوقفني كثيراً أحد الأصدقاء سابقاً «ممن يعيش عكس السير» عندما قدم لي نصيحة، أو أراد أن يرشدني بالأصح، وقال لي مشكلتك يا عزيزي «أنك ما بتعرف تلعب على التناقضات»... ثقافة اللعب على التناقضات لا تختلف كثيراً عن اللعب على كل الحبال أو التسلق على كل الجدران، فالهدف واحد وإن اختلفت المسميات، فلا مبدأ ولا ضمير، ولا معنى لهذا النهج «نهج الكثيرين» إلا إذا كانت الحياة بالطبع تسير بعكس السير وتقوم على قاعدة «اللي بوخذ أمي هو عمي». في حياتنا «عكس السير» الأفكار المثالية كسلوك وإن حكم البعض بنظرتي التشاؤمية هذه، فالأفكار الخلاقة أصبحت كلمات وشعارات تحايلية كل بطريقته وهدفه في حياة أصبحت عكس السير، الأدهى من ذلك هو أن الإنسان يفقد نفسه بعدما فقد المبادئ والوسائل والأهداف السامية وأصبحت حياته بعكس السير. في الواقع لم يكن البشر يوماً على قلب واحد، ولا على عقل واحد، ولا على مكانة واحدة، وهذه سنة الخالق في خلقه، ولكن الاختلاف الأبرز بينهم هو «العطاء»... العطاء أنواع ومجالات وبه تتحقق الأهداف. الإنسان إذا ما أراد يحدد لنفسه هدفاً واضحاً ويعمل للوصول إليه، ولكن المصيبة عندما يفقد الطريق الموصل الصحيح والسليم ويفقد البوصلة ويصبح طريقه عكس السير. لماذا يفقد الإنسان نفسه والمعادلة واضحة حينما يكون المطلوب هو تحقيق الهدف، وطريقة الوصول هي المعطيات والمدخلات وإثبات الجدارة، وتحقيق الهدف هي المخرجات، إذن لماذا الإنسان يفقد نفسه ويسير عكس السير؟