بدأت الإدارة الكردية في شمال العراق اتخاذ إجراءات لبناء السدود في الآونة الأخيرة. وفي حين أعلنت وزارة الموارد المائية في الإدارة الإقليمية أنه سيتم تشييد 124 سداً في المنطقة، يفيد علي رشيد، مسؤول التخطيط في الوزارة، أنه سيتم بناء 506 سدود صغيرة ومتوسطة وكبيرة الأحجام على الأنهار في المنطقة. ويخطط الأكراد للاستيلاء على جميع الموارد المائية في العراق واستخدامها باتجاه مصالحهم الخاصة. وقال علي رشيد: «ان بغداد وفي نهاية العشرين عاماً اللاحقة ستصبح معتمدة على مياه كردستان وأنه ليس لها أي خيار آخر بهذا الشأن». وتبيّن التطورات بوضوح نية الاكراد في استخدام أهم مورد طبيعي للعراق كورقة مساومة ضد الحكومة المركزية. فالسدود، التي بنيت أو التي سيتم بناؤها في المنطقة الكردية، تعني سيطرة المجموعات الكردية على المياه، إذ سيؤدي ذلك الى الفتح والغلق الكيفي لأبواب هذه السدود أو التغيير في اتجاه المياه مستقبلاً. واضافة الى ذلك يعمل الاكراد على تحويل شمال العراق منطقة صناعية ومركز جذب من خلال نقل الطاقة الكهربائية المتولدة من هذه السدود. فضلاً عن قيام الإدارة الكردية بتغطية تمويل القسم الاكبر من هذه السدود من ال 12 بليون دولار المخصصة من قبل الحكومة المركزية. وعلى عكس الحكومة العراقية تفيد السلطات الكردية أنه لا توجد مشكلة مياه في شمال العراق. فالأكراد، الذين شرعوا بمسيرتهم تحت شعار «إذا نفدت المياه فوق سطح الارض، فهناك التي في جوف الأرض...»، يفيدون بأن الأمطار هطلت بوفرة ما بين شهري تشرين الثاني (نوفمبر) ونيسان (ابريل) وتسببت في تراكم مياه ذات نوعية جيدة. ويبدو ان الحكومة المركزية وفي حين انها تشكو الدول المجاورة، وتقول «انكم لا توفرون لنا ما يكفي من المياه»، لم تشاهد الكنز الذي بقربها. في غضون ذلك لا يتخلى الاكراد عن طموحاتهم في سد الموصل. فقد انخفض منسوب المياه في نهر دجلة عندما قام الاكراد بغلق أبواب سد الموصل في تشرين الثاني 2007، بغية جمع المياه. ونتيجة ذلك اندلعت أزمة مياه شديدة في المناطق السكنية الممتدة من الموصل الى بغداد وتضررت الأراضي الزراعية جراء ذلك. اضافة الى انخفاض عدد ساعات تزويد المدينة بالطاقة الكهربائية الى أربع ساعات يومياً، بعدما كانت 12 ساعة قبل غلق الابواب. ومن ناحية أخرى يقوم الأكراد بنشر دعاية تفيد بأن «سد الموصل يعيش خطر الانهيار، وأن الأمواج التي يصل إرتفاعها 20 متراً، من شأنها ابتلاع الموصل تماماً وغمر بعض مناطق بغداد تحت المياه»، في محاولة لتخويف السكان العرب والتركمان والأقليات الأخرى في الموصل وإرغامهم على مغادرة المدينة. وقد غادر الموصل نتيجة لهذه الدعاية مئات من الاشخاص. من جانب آخر، وبينما تتم مطالبة وحدات البشمركة التي تسيطر على سد الموصل وضواحيه، بمغادرة المنطقة بموجب تعليمات رئيس الوزراء نوري المالكي، إلا ان بعض عناصر البشمركة لا يزال يتواجد في القسم الشمالي من السد. وهذا الخلاف القائم بين وحدات الجيش العراقي والبشمركة يعوق تفعيل العطاءات المقدمة بشأن تجديد توربينات السد. ولهذا السبب يجب على وحدات الجيش العراقي وضع سد الموصل تحت السيطرة الكاملة. ان التطورات تشير الى أن الأكراد ليسوا مع مبدأ «أن جميع الموارد والثروات الطبيعية للعراق هي ملك لكل الشعب العراقي وأنه يجب ان يحصل جميع الشعب العراقي على حصة عادلة ومتساوية من جميع هذه الامكانيات». بريد الكتروني