قبل أكثر من ست سنوات تغنى كثيرون بموهبة جديدة تخرج من البرازيل لم تتعد السادسة عشرة من العمر، لاحقه العمالقة في القارة العجوز بعدما رسخ نجوميته في بلاد السامبا، فدييغو ريباس دا كونيا، أو من يعرف ببساطة باسم «دييغو»، مثل منتخب بلاده وهو في الثامنة عشرة، وتألق مع فريق الأسطورة بيليه السابق وارتدى القميص رقم 10، الذي لا يرتديه أي كان، وحتى اسمه الأول مشابه لاسم أحد أعظم أساطير اللعبة على مر تاريخها، فتجمعت كل هذه العوامل لترفع سقف التوقعات من نجم في مطلع الطريق، حتى بات اليوم يعتبر الفارس الذي سيعيد يوفنتوس الى منصة الألقاب وينقد «السيدة العجوز» من إخفاقات وينسي جماهيره فضائح الماضي القريب. دييغو، الذي لم يتعد اليوم الرابعة والعشرين بكثير، حقق إنجازات كبيرة مع بعض الفرق، مثلما أخفق مع البعض الآخر، ففي السادسة عشرة من عمره لعب مباراته الرسمية الأولى لسانتوس، وفي غضون عامين ونصف العام أظهر دييغو موهبته الرائعة وقفز من لاعب مجهول ومغمور إلى نجم المستقبل الواعد، وفي عامه الأخير مع سانتوس قاده إلى الفوز ببطولة الدوري للمرة الثانية، قبل أن يقطع الخطوة الكبرى بالانتقال إلى القارة الأوروبية، التي تعد حلم كل لاعب في أميركا اللاتينية، على رغم أنها لا تخلو من المخاطر، فتريث المراهق دييغو قبل أن يختار بورتو البرتغالي بعناية بدل عمالقة أوروبا أمثال برشلونة الإسباني وإنتر ميلان الإيطالي، والسبب أنه لم يبلغ العشرين من العمر بعد، ففضل بيئة لطيفة لا تتغير عليه اللغة والعادات ولا تكون فيها الأضواء على النجوم في الذروة، وهذا وجده في بورتو، على رغم أنه لم يحسب أنه انتقل إلى النادي الأكبر في البرتغال، والذي أحرز لتوه ثلاثية فريدة، بينها الفوز بكأس دوري أبطال أوروبا، إضافة إلى أن المدرب المحنك جوزيه مورينيو وصانع الألعاب المهم في الفريق ديكو رحلا لتوهما عن بورتو، فانصب الاهتمام على المراهق الصاعد ليكون خليفة النجم البرازيلي الأصل ديكو. وبدأت المشكلات عندما أضاع بورتو فرصة الفوز ببطولة الدوري في الشهرين الأخيرين من الموسم، لتشير أصابع الاتهام إلى دييغو، بعدما تساءل عشاق بورتو: ألم يكن دييغو «الفتى المعجزة» المفترض؟ أليس هو من كان سينسينا ديكو؟ كان من المفترض فعلاً أن يكون دييغو خليفة ديكو، لكن الأمر جاء سريعاً لابن التاسعة عشرة، حتى إن الأمور ساءت في الموسم الثاني مع الفريق، إذ تعرّض لإصابات متلاحقة حرمته من الإسهامات المتواصلة، وبحلول الصيف لم يعد دييغو «الفتى المعجزة»، بل على النقيض نعته أنصار بورتو بألقاب جارحة مثل «الكسول» و«البدين» و«البطيء»، فأصبح رحيله حتمياً في 2006، لكن الأندية العملاقة التي أبدت اهتمامها قبل عامين اختفت من ساحة المهتمين، ليرضى دييغو بعرض الألماني فيردر بريمن، على رغم أنه تقليدياً وعلى الورق لا تتلاءم موهبة البرازيلي مع عقلية الفريق الألماني، لكن المدرب توماس شاف، كان له رأي آخر، إذ منح دييغو الحرية المطلقة في الحركة واستعراض كامل مهارته، وببساطة إخراج كل موهبته الكامنة، وبوجود جناحين مميزين على جانبي دييغو فإنه استعاد تألقه وموهبته التي ألهب بها مشاعر جماهير فريقه الأول سانتوس، فسجل 13 هدفاً في موسمه الأول مع الفريق، مساهماً في حلوله ثالثاً في الدوري، وكرر عدد الأهداف التي سجلها، وحل فيردر بريمن في مركز أفضل وصيفاً للبطل. هنا أدرك دييغو أنه استعاد نجوميته مثلما استعاد اهتمام الأندية الكبيرة، التي جاءت مسرعة تطلب وده، لكن دييغو شعر بأنه يدين للنادي الألماني بموسم ثالث، مدركاً أنه الوحيد الذي وقف إلى جانبه في محنته وتجربته المريرة مع بورتو، وفعلاً قدم الموسم الماضي (الثالث له مع الفريق الألماني)، أفضل مواسمه منذ انتقاله الى أوروبا، إذ قاد الفريق الى الفوز بكأس ألمانيا، والى التأهل الى المباراة النهائية لكأس الاتحاد الأوروبي، ولولا إيقافه عن اللعب في المباراة النهائية، لاحتفل الألمان باللقب بدلاً من أنصار شاختار دونيتسك الأوكراني، المهم أن دييغو لم يخدع أنصار فيردر بريمن، إذ أكد منذ مطلع الموسم أنه سيكون الأخير له مع الفريق، ما أكسبه احترام وعشق الجماهير الألمانية. وبعد أيام من نهاية الموسم الماضي انتقل دييغو الى يوفنتوس في مقابل 32 مليون دولار، ليعود الى الأضواء مجدداً، ومعها عاد الى فتح مناقشات قديمة عن مقارنته مع أبرز نجوم اللعبة، ولا عجب أنه يقود «اليوفي» من المركز الذي قادهم منه في السابق الأسطورتان الفرنسيان ميشيل بلاتيني وزين الدين زيدان، وهو يدرك أنه لم يعد الفتى المراهق بل رجل يقود الرجال، مثلما فعل في مباراة «اليوفي» ضد روما في الدوري بتسجيله هدفين، على رغم أنه سيغيب بداعي الإصابة في الفترة المقبلة، إلا أن مسؤولي «اليوفي» أعربوا عن ارتياحهم لأن الإصابة ليست جدية والغياب لن يطول لأكثر من أسبوع، ليعود بعدها الفارس البرازيلي لإنقاذ السيدة العجوز.