نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية مقالاً تحليلياً حول الاقتصاد الروسي بعد القرار الطارئ الذي اتخذه «مصرف روسيا المركزي» برفع أسعار الفائدة. وأعلن المصرف فجر اليوم (الثلثاء) رفع أسعار الفائدة من 10.5 في المئة إلى 17 في المئة، في محاولة لكبح الخسائر التي تكبدها الروبل بعد خسارته نحو نصف قيمته أمام الدولار. وأشارت الصحيفة في مقالها إلى أن الاقتصاد الروسي يعاني من مشكلات الاقتصادات الناشئة نفسها، إلا أن الاختلاف يكمن في أن الاقتصاد الروسي الحقيقي لا يجاري في قوته قطاع الطاقة في روسيا. ويعني هذا أن ارتفاع إمدادات النفط من الولاياتالمتحدة وضعف الطلب في كل من الصين واليابان وأوروبا، ستؤثر بشدة على الاقتصاد الروسي، وسينعكس ذلك على قدرة قطاع الأعمال في الحصول على العملات الأجنبية. وأشارت الصحيفة إلى حساسية هذا الأمر وفي شكل خاص بعد تراجع احتياطات المركزي الروسي من الدولار نتيجة العقوبات الغربية التي فرضت على موسكو في إطار الأزمة الأوكرانية. وتراجع الروبل بنحو 22 في المئة أمام الدولار خلال الشهر الماضي، وخسر 11 في المئة من قيمته خلال تعاملات أمس فقط. والملاحظ أن خسارة الروبل لا تقارن بالخسارة التي لحقت في الهيرفنا (العملة الأوكرانية) أو تراجع أسعار خام برنت. ولم تشهد أي عملة رسمية تراجعاً بمثل هذه القيمة سوى عملة "البيتكوين" وهي عملة افتراضية لا وجود حقيقياً لها. وتعاني روسيا من معضلة اقتصادية كبيرة، إذ في حين يحتاج الاقتصاد إلى مستويات متدنية لأسعار الفائدة لدفع عجلة النمو، يحتاج قطاع الأعمال إلى أسعار فائدة مرتفعة لتعزيز الروبل أمام الدولار وخفض كلفة التجارة الخارجية. وأشارت الصحيفة إلى أن الاقتصاد الروسي يواجه واحداً من خيارين، إما إبقاء أسعار الفائدة منخفضة وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم وتدهور قيمة العملة، أو رفع أسعار الفائدة والتوجه نحو مرحلة من الانكماش الاقتصادي. وشبهت الصحيفة روسيا في عهد بوتين بالاتحاد السوفياتي، لجهة استناد قوة كل منهما إلى أسعار النفط المرتفعة. وأعادت الصحيفة التذكير بالاعتقاد الخاطئ الذي ساد مع اجتياح أفغانستان في سبعينات القرن الماضي باعتباره خسارة للولايات المتحدة في حربها الباردة مع الاتحاد السوفياتي، في حين أظهرت التجربة أن أفغانستان كانت بمثابة "فييتنام ثانية" بالنسبة للسوفيات الذين زجوا بأنفسهم في حرب في وقت لم يتمكنوا فيه من إطعام شعبهم. وانكشف وهم "الاقتصاد القوي" للاتحاد السوفياتي للعامة بعد خلو المحال التجارية من البضائع نتيجة هبوط أسعار النفط في الثمانينات. وختمت الصحيفة بالقول إن التاريخ يعيد نفسه الآن مع بوتين، إذ يمكن لروسيا الذهاب بعيداً وغزو جورجيا والتدخل في أوكرانيا، في وقت ترتفع أسعار النفط، أما وقد خسر النفط ما يقارب نصف قيمته، فلم يعد بمقدورها القيام بأي شيء.