كركوك - أ ف ب - أكد رئيس اساقفة كركوك للمسيحيين الكلدان لويس ساكا أن عائلات مسيحية بدأت تغادر المدينة المتعددة القوميات والمتنازع عليها، بسبب «الخوف واستمرار استهدافهم» في عمليات قتل وخطف. وقال لوكالة «فرانس برس» إن «عشر عائلات، أي حوالى 60 شخصاً، غادرت المدينة خلال الأسبوع الماضي وحده نظراً إلى الخوف السائد في أوساطها واستمرار استهدافها لدوافع سياسية أو بسبب الجهل الديني». وتقدر أعداد المسيحيين في كركوك بحوالى عشرة آلاف، قُتل منهم حتى الآن أكثر من 50 شخصاً، فيما وصل عدد القتلى المسيحيين في العراق الى أكثر من 850 شخصاً، وفقاً لاحصاءات أمنية وكنسية. ومعلوم أن سكان كركوك (255 كيلومتراً شمال بغداد) خليط من العرب والاكراد والتركمان مع أقلية من الكلدان والآشوريين والسريان. وناشد الاسقف ساكا «الحكومة والجهات الرسمية وجميع الشرفاء في العراق، وخصوصاً في محافظة كركوك، العمل على حماية المسيحيين، فهم عراقيون أصيلون لا يشكك أحد في اخلاصهم لوطنهم وفي صدقهم ووفائهم لعملهم». وتابع أن «عليهم ألا يدعوا المجال الأمني يتدهور لدوافع سياسية أو غيرها، فهو أمر ليس في مصلحة أي جهة، نطالبهم بالحفاظ على حياة المواطن أياً كان، فاستهداف المسيحيين اعتداء واهانة لكيان أصيل وعريق له دوره في بناء الوطن وحضارته وثقافته». وشدّد على أن ما «يسترعي الانتباه هو أن يصبح المسيحيون في كركوك خلال الأشهر الأخيرة هدفاً للتهديد والخطف والقتل (...) فالجهل في الدين يجعل البعض يتوجه لقتل المسيحيين واستهدافهم كونه حلالا». وقال رئيس أساقفة كركوك إن «من يظن أن استهداف المسيحيين دينياً حلال واهم ومخطئ (...) ومن يفعل ذلك بهدف الحصول على مكاسب سياسية، فإنه أسلوب غير شريف، ومن يتوخى ابتزازهم لغرض المال، فالحرام مهما طال لن يدوم». والاسقف ساكا متخصص في حوار الاديان ومن الشخصيات المعتدلة التي تحظى بالاحترام في كركوك ومن مبادراته الأخيرة جمع سياسيين من مختلف الاتجاهات في كاتدرائية الكلدان في كركوك، وتنظيم افطار لرجال دين عرب واكراد وتركمان وسنة وشيعة خلال رمضان. وتصاعدت خلال الآونة الأخيرة عمليات استهداف المسيحيين في كركوك، وخصوصاً النخب من رجال ونساء وأطباء، ما دفع بمعظم هؤلاء المعروفين بكفاءتهم وشهرتهم الى المغادرة. وكان آخر هذه العمليات ليل أول من أمس عندما «خطف مسلحون المسيحي عماد ايليا عبد الكريم (53 سنة) الموظف في دائرة الصحة العامة» في حي المعلمين، وفقاً لمصدر أمني. وناشد رئيس الاساقفة، وبدت عليه علامات التأثر والحزن، الجهة التي خطفت عماد ايليا عبد الكريم أن «يعيدوه الى عائلته واولاده». وكان مسلحون أفرجوا عن طبيب الأطفال المسيحي سمير كوركيس الذي تعرض للخطف في آب (اغسطس) الماضي وسط كركوك، وذلك بعد دفع فدية مالية. وأُدخل هذا الطبيب المحرر الى المستشفى نظراً إلى تردي حالته الصحية إثر تعرضه للتعذيب. وقتل الخاطفون صديقاً مسيحياً للطبيب حاول نجدته أثناء عملية الخطف. كما خطف مسلحون مُدرساً مسيحياً جنوب كركوك وأطلقوه في مقابل فدية. واغتال مسلحون أيضاً المدير العام للرقابة المالية عزيز رزقو، في حين استهدف آخرون نساء في منازلهن جنوب كركوك. ويسكن المسيحيون في حي الماس شمال كركوك وحي عرفه النفطي حيث تقع أبنية شركة نفط الشمال وأحياء أخرى. ويعاني المسيحيون في العراق من الشرذمة السياسية بسبب تعدد قواهم وأحزابهم. وتتعرض كنائسهم باستمرار لاعتداءات، ما أرغم عشرات الآلاف منهم على الفرار الى الخارج أو اللجوء الى سهل نينوى واقليم كردستان العراق. ويشكل الكلدان غالبية المسيحيين العراقيين يليهم السريان والاشوريون. وكان عدد المسيحيين في العراق قبل الاجتياح الاميركي في آذار (مارس) عام 2003 يقدر بأكثر من 800 ألف شخص. ومنذ ذلك الحين، غادر أكثر من 250 ألفاً منهم البلاد، هرباً من أعمال العنف.