واصلت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في شأن اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه عام 2005 أمس الاستماع إلى شهادة النائب مروان حمادة. وقررت غرفة الدرجة الأولى برئاسة ديفيد راي قبول طلب الادعاء إضافة النائب وليد جنبلاط والصحافي علي حمادة إلى قائمة الشهود. وأكد حمادة رداً على أسئلة الادعاء أن «الرئيس رفيق الحريري كان واثقاً بالانتصار في انتخابات 2005 مهما كانت طبيعة قانون الانتخابات وعلى رغم المخاطر». وبعد انتهاء ممثل الادعاء من استجوابه، بدأ الممثل القانوني للمتضررين بيتر هينز استجوابه، إلا أن الدفاع اعترض على استجواب حمادة في شأن إصابته لغياب الصلة مع القضية الأساسية. لكن راي سمح للشاهد بالمتابعة وتحدث حمادة عن صورة التقطت له مع الحريري وشقيقته النائب بهية الحريري في المجلس النيابي، وقال: «هذه الصورة استخدمت كملصق ووضعت في بيروت لبعض الوقت». وتظهر الصورة النائبين بيار الجميل وأنطوان غانم الذي قتل بانفجار سيارة بعد ثلاثة أشهر من إنشاء المحكمة. وأعلن حمادة أنه بعد محاولة اغتياله تحول إلى شخص محاط بعشرات الحراس وتنقلاته أصبحت محدودة، مؤكداً أن اغتيال الحريري حوّل حياة اللبنانيين العادية إلى جحيم. وأشار إلى أن التظاهرات بدأت في لبنان بعد اغتيال الحريري، وقال: «توصلنا إلى قناعة أن الجو الشعبي بات معادياً للهيمنة السورية، والرئيس إميل لحود لم يكن يتمتع بشعبية في ذلك الوقت. وكانت محاولات للنظام الأمني لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الاغتيال». وقال إن «سعد الحريري تعامل مع خسارة والده بكثير من الثأر المستمر والتصميم». ولفت إلى أن «اغتيال الحريري أدى إلى انقسام عمودي في الرأي العام وتأثيراته تتالت من استقالة حكومة عمر كرامي مروراً بتظاهرتي 8 و 14 أذار وتحول من انقسام سياسي، للأسف، اليوم إلى انقسام مذهبي وطائفي». وزاد أن «الحركة الشعبية المتمثّلة بثورة الأرز أدت إلى اتّخاذ بشار الأسد قراره بسحب قواته من لبنان». وأضاف: «حصل انقسام حول تطبيق العدالة في قضية رفيق الحريري، وقيام هذه المحكمة أو عدم قيامها وتصويت مجلس الأمن، وجمع المجلس النيابي ليوافق على الاتفاقية واتخاذ قرار من الأكثرية النياية بالدعوة إلى ذلك ورفض قوى معادية الدعوة من خلال اعتصام على مدى سنة ونصف السنة في قلب بيروت وكل ذلك كان من الأمور التي كبلت لبنان، ليس فقط بكل نشاطه وقدراته، بل أيضاً عمّق الانقسام داخل المجتمع وهذا أخطر ما يواجهه لبنان اليوم وهو عكس ما كان في روحية المنحى السياسي للحريري الذي حتى في الأيام الصعبة مع سورية أو «حزب الله» لم تكن تنقطع كلياً هذه العلاقات طالما أنه قابل السيد حسن نصرالله قبل شهر على اغتياله وكانت هناك زيارة من قبل الوزير وليد المعلم وكانت محاولات لتشكيل حكومة اتحاد وطني وأُفشلت». وقال: «إلى حد ما ولوقت معيّن كان هناك نوع من الهدوء ترجم بطلب حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الأولى لجنة تحقيق دولية وآنذاك أيّد لحود هذا القرار لأن الجو كان ثائراً جداً على شلل القضاء اللبناني في المضيّ بالتحقيق والتحقيقات السابقة، وجرى تشكيل حكومة شبه حيادية لمراقبة الانتخابات النيابية التي جرت والتي أدت إلى انتصار فريق 14 آذار وقيام حكومة دخل فيها حزب الله ثم اتخاذ البرلمان الجديد قراراً بالعفو عن جعجع قائد «القوات اللبنانية» وكل ذلك أضفى جواً من الارتياح ولكن كان مسلسل الاغتيالات مستمراً». وسأل القاضي نيكولا ليتييري: هل تلقى الحريري أي تهديدات من مجموعات متطرفة أو سلفية سنّية أو غيرها، أجاب حمادة: «لم يخبرني أي شي من هذا النوع ولم يخبر أحداً من المقربين له أو أسرته أو حلفائه بالموضوع». ورداً على سؤال قال: «عندما كشف لي الياس المر عن استيلاء المخابرات السورية على ملف قضيتي لم أكن في حال تسمح لي بإعطاء أي ردّ فعل فكنت أتعافى وما كان لأحد أن يعطي رد فعل. الحكومة كانت موالية لسورية وعندما أدنت ذلك في تصريح علني في تشرين الثاني عام 2004 أذكر أنه عُقد مؤتمر صحافي صرح فيه وزير العدل عدنان عضوم أنه سيسجنني لأنني اتّهمت السوريين وبالطّبع أدى ذلك إلى تعالي الاصوات في الرأي العام وتراجع عن تصريحه لكنه قام بهذا التصريح أمام وزارته». وسأل هينز الشاهد عن مستند واحد وهو عبارة عن بيان صحافي صادر في كانون الاول 2004 يتعلق بتقديم تعاز للاسد بسبب وفاة عمّه، وقرأ الاقتباس في ما يتعلق ببرقيّة الحريري: «إنني إذ أعرب لسيادتكم عن تعازي الحارة وأتقدم بالتَّعازي وأدعو الله أن يرعاكم لتبقوا خير من يحمل رسالة فقيدنا الكبير الرئيس المرحوم حافظ الاسد الذي ستبقى مدرسته الوطنية مصدر إلهام لنا جميعاً». وقال: «بالنسبة الي كشخصٍ من الخارج ولست على اطلاع بكلّ المعلومات الداخلية والتاريخية هذا يبدو على أن الحريري مسرور أو راض بما يقوم به بشار الأسد». وأجاب: «من المعتاد في التقاليد العربية والاسلامية استخدام هذه العبارات لدى تقديم التعازي إلى رئيس دولة والإشارة إلى رسالة حافظ الاسد تحمل في ذهن الحريري الكثير من المعاني لأنّه مع حافظ الاسد توصلنا إلى اتفاق الطائف ومع ابنه لم نتمكَّن من الحصول على تطبيق كامل للاتّفاق». وانتقل هينز إلى سؤال آخر: «برأيك ما هو هذا الخط الوطني الذي يشكل مصدر إلهام لنا؟». وأجاب حمادة: «خلال ولاية الرئيس الأسد شكّل وتزامن ذلك مع بداية إعادة إعمار لبنان، بداية توحيد الجيش ومن ثم قام الحريري وفريقه مع الرئيس السابق الياس الهراوي باعادة إعمار لبنان... وعندما أقول إن برقية الحريري وما ذكره فيها ، إن كنتم تذكرون، قلت إنني ناقشت مع الحريري في مسألة بيان وزاري عام 2003 وكان ذلك قبل سنة على هذه البرقية». وزاد: «وأشرت بشكل عفوي إلى اتّفاق الطائف على أنه إنجاز من قبل سورية وقال لي الحريري هل تودّ أن يقتلونا؟». وأضاف هينز: «لكن تستمر البرقية بالقول أنتم خير من يحمل رسالة حافظ الأسد ويبدو ذلك لي كإطراء أو مديح». وأجاب حمادة: «إن أكملت بالتلاوة فنحن نتحدّث عن المدرسة الوطنية لحافظ الأسد». ورد المحامي: «هناك عبارة خير من يحمل موجهة لبشار الاسد ما يعني أنه يقوم بعمل ايجابي، وجيد ويكمل خط والده». وقال حمادة: «نبحث جميعنا عن الحقيقة هنا». وسأل هينز: «هل كان هناك نوع من السخرية في رسالة الحريري». وأجاب حمادة: «إنه يعرب عن تعازي ويرسل رسالة». وقال هينز: «الرسالة تتحدث عن بشار الاسد على أنه إلهام لنا جميعاً... ألم ينظر الحريري إلى بشار الاسد على أنه إلهام؟». وقال حمادة: «لا هو يتحدث عن الوالد على أنه كذلك». وقال هينز: «من الأفضل أن نقول أنه لم ينظر إلى بشار على أنه مصدر إلهام أي أنه شخص يود أن يتمثل به أولاده». ورد حمادة: «إطلاقاً لا». وقال هينز: «ربما يمكننا استخدام كلمة إلهام كأنك تلهمني بتشيجيعي للخروج من لبنان». رد حمادة: «ربما كذلك، ولكن اتفاق الطائف الذي ساهم فيه حافظ الاسد يتحدث عن انسحاب القوات السورية من لبنان في غضون سنتين وهو مصدر إلهام كبيرجيد لما كان يجب أن يحصل في السياسة السورية في ذلك الوقت». وسأل هينز، حمادة عن البيانات الصحافية حول الشؤون السياسية وقال: «هل توافقني الرأي أنه عندما يتعلق الأمر بخبر صحافي أو بيان صحافي صادر عن سياسيين لا يقصدون دائماً ما يقولونه بشكل حرفي». وقال حمادة: «يمكن أحياناً ولكن لا يمكنني أن أعطي أحكاماً حول كل المرات». وسأله هينز: «هل يقصد رجال السياسة أحياناً عكس ما يقولونه في تصاريحهم؟». وأجابه حمادة: «لا يمكنني بصفتي رجلاً سياسياً أن أقر بذلك على أنها من أخلاقيات السياسة... ليس بالتأكيد». وما إن استأنف محامي الدفاع عن مصطفى بدر الدين انطوان قرقماز استجواب حمادة محاولاً إظهار تناقض ما في إفاداته، رفع القاضي راي الجلسة بشكل موقّت إذ حصل لغط حول مسألة تصريحات كان أدلى بها حمادة قبيل افتتاح المحاكمة في 16 كانون الثاني عام 2014. واعتبر قرقماز أن حمادة أدلى بتصريحات حسم فيها هوية الجناة وقال إن الجناة معروفون وعلى هذا الاساس سيقوم بالتعليق. وقال قرقماز: «أعربت في الكثير من تصريحاتك عن الكثير من الامور من دون احترام بعض المبادئ القانونية وتعرف أن القانون الدولي كرّس هذه المبادئ ورسّخها وأتحدث عن مبدأ قرينة البراءة التي تعطى للمتهم لا سيما في ظل هذه المحاكمة الغيابية أمام هذه المحكمة وبالتالي أذكر أننا ندافع عن متهمين وهم في نظر العدالة يعتبرون بريئين حتى إثبات العكس وهؤلاء المتهمون يجب أن لا يدعوا مجرمين إلا أن ترى الغرفة أنهم مذنبون». واعترض وكيل الادعاء قائلاً: «الهدف من الاستجواب المضاد في هذه المحكمة وبشكل عام هو أن لا نبدأ بخطاب بل طرح الاسئلة ذات صلة وقيمة ثبوتية في ما يتعلق بالأدلة المقدمة ولا أفهم الهدف من الاستجواب المضاد لقرقماز». وقال قرقماز: «يبدو لنا أن هؤلاء المتهمين أصبحوا مذنبين بنظر البعض وأدينوا ولا أود الدخول بنقاش». وأجاب راي: «على أي أساس تقول أنه في هذه المحكمة تكون لديك انطباع بأن المتهمين قد سبقوا وأدينوا». وقال قرقماز: «أتحدث عن الكلمات والعبارات التي قالها حمادة وفي ظل ظروف عديدة فهو يمثل كشاهد وفي ظروف عديدة وصف المتهمين على أنهم مجرمون». وأجابه راي: «أنت تذكّر القضاة الخمسة بقرينة البراءة... هل تظن أننا لا نعرف بوجود هذا المبدأ .. أنت هنا لتذكرنا بذلك عندما تقف هنا؟ وعلق راي الجلسة لدراسة المسألة. واستأنف راي الجلسة طالبا الاستمرار بالاستجواب بناء على القواعد من دون أي نقاشات إصافية، وسأل قرقماز حمادة إذا كان يعرف مصطفى بدر الدين الذي كان في عداد قوات حركة «فتح» إبان الحرب. وأجاب حمادة: «لا أعرفه. وأكد أيضا أنه لا يعرف «التعريف عن بدر الدين باعتباره سامي عيسى»، ونفى أيضا معرفته بصافي بدر. وعرض الدفاع 4 خيارات تظهر اتصالات هاتفية ما بين رقمي هاتف يعودان إلى حمادة ورقم آخر استعمله الشاهد شخصيا. وقال حماده: «هناك رقم هاتف لم أعد أستعمله بعد محاولة اغتيالي وأرقام هواتفي لم تكن سرية». وطرح الدفاع العديد من المسائل المتعلقة بالاتصالات وداتا الاتصالات وال» mc « وهي بطاقة هوية التعريف لكل»sim card» متعلق بهاتف معين وكانت اجوبة حمادة مباشرة وواضحة على أنه شغل منصب وزير الاتصالات لأكثر من 3 سنوات في حكومة فؤاد السنيورة عام 2005 حتى 2008 ولكن الامر التبس على الغرفة فأرادت المزيد من الايضاحات لاستكمال النقاش اليوم.