أعلن رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام الذي يقوم بأول زيارة له لفرنسا غداً أن «لبنان يمر بوضع صعب ومعقد بعض الشيء نتيجة أزمة سياسية أبرز سماتها الشغور في موقع الرئاسة منذ سبعة أشهر، يضاف إليها عبء أكثر من مليون لاجئ سوري». وقال لوكالة «الصحافة الفرنسية» إن «غياب رئيس للجمهورية يخلق تعقيدات إضافية». وأوضح أن الانتخابات الرئاسية «تتأثر تقليدياً بالخارج، ونحن نعتمد على أصدقائنا لدعمنا في هذا الوضع. ولطالما أظهرت فرنسا اهتماماً بالموضوع، وتحركت مع دول أخرى لمساعدتنا على حله». وذكر أن «التوترات الإقليمية والدولية تؤثر سلباً على الانتخابات الرئاسية، وانطباعي أن حصول توافق إقليمي ودولي من شأنه تسهيل إجراء الانتخابات» وقال سلام: «في قضية العسكريين الرهائن، لم أقل يوماً إنني متفائل، وقلت باستمرار إنه لا يمكنني أن أعد بشيء. إنه وضع صعب جداً ومعقد جداً». وأضاف: «على حدودنا، يقبع هؤلاء المسلحون ويتصرفون بطريقة متوحشة، من دون أي احترام لقواعد الحرب التقليدية. يتخذون القرارات العشوائية، يقتلون يميناً ويساراً وفي أي وقت وفي أي إطار. يفرضون هذا الإرهاب عندنا، على بلادنا، وعلى كل اللبنانيين». وتابع: « نحاول أن نتفاوض معهم، وقلنا منذ البداية إن المفاوضات لن تكون سهلة»، معتبراً أن هذا الأمر «يتطلب جهوداً كبيرة من الجميع، أي من الأطراف السياسيين، ومن الشعب، ومن عائلات الرهائن، ومن الأجهزة الأمنية، وخصوصاً من الإعلام». وأوضح أن «المفاوضات بين إرهابيين ودول تكون دائماً سرية. عندنا، لا يوجد سر». وقال سلام: «بعد مفاوضات استغرقت أشهراً طويلة بين الجيشين (اللبناني والفرنسي) وبين المملكة العربية السعودية وفرنسا، بدأت الأمور تتحرك. وأعتقد أننا سنبدأ تسلم الأسلحة خلال الأسابيع المقبلة». وأشار إلى أن الأسلحة ستتضمن «مروحيات وكل الأسلحة الضرورية لمساعدة الجيش على مواجهة عمليات التسلل والاعتداءات الخارجية وخصوصاً الإرهابية منها». وعن حجم خطر تنظيم «الدولة الإسلامية» على لبنان، قال: «لا أعتقد أن هناك خطراً لجهة تمدد التنظيم إلى لبنان، لكنه يسعى من دون شك إلى إضعاف البلد». وأبدى ثقته بقدرة الجيش على الدفاع، «لكنه يحتاج إلى مساعدات كثيرة». وأشار سلام من جهة أخرى إلى أنه سيطلب من فرنسا أن تساعد لبنان في «معاناته على مستوى النازحين السوريين الذين يشكلون يوماً بعد يوم عبئاً كبيراً على بنانا التحتية وعلى حاجات المجتمع والوطن»، لافتاً إلى وجود «تقصير دولي حتى اليوم، لأن الدعم الذي أتى من دول ومؤتمرات عديدة لم يكن في المستوى المطلوب». وقال إن فرنسا «ساهمت بطريقة إيجابية جداً في توعية المجتمع الدولي بهذه المشكلة، ونحن نعول عليها كثيرا». إلى ذلك التقى سلام مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمبعوث الخاص لوزير الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو، في حضور السفير الفرنسي باتريس باولي. وبعد اللقاء قال جيرو: «جئت لزيارة رئيس الحكومة لأكرر له دعم فرنسا، ونقلت له رسالة التعزية بعد مقتل ستة جنود والإعدام المروع لأحد عناصر القوى الأمنية المحتجزين». أضاف: «فرنسا هي الصديقة الوفية للبنان، فهي تقف إلى جانبه مهما كانت الظروف، وهي متعلقة بوحدته وسلامته وسيادته. إن خطورة الوضع الإقليمي، وخصوصاً النزاع في سورية، ترمي بثقلها على لبنان من خلال تحديات لا تطاق وأعباء غير متكافئة، إذ إن التداعيات يشعر بها لبنان أكثر فأكثر». واعتبر جيرو أن «الفراغ الرئاسي الذي يدخل شهره السابع ويربك العمل العام الصحيح، يقلق فرنسا والعديد من شركائها. وفي مواجهة هذا المأزق، فإن فرنسا تتحرك بتجرد ونزاهة وتضع نفسها وطاقتها في خدمة لبنان، لأنه يجب أن نكون واضحين بأن الانتخاب الرئاسي اللبناني مسألة وطنية لبنانية، وفرنسا ليس لديها مرشحون أو فيتو، وهي تدعم الدولة اللبنانية وعمل المؤسسات». وقال: «على اللبنانيين أن يحزموا أمرهم ويختاروا رئيس دولتهم من دون تدخل خارجي، وأن يتفاهموا في ما بينهم على اسم المرشح، ويجب أن يكون هناك اتفاق. إن فرنسا تقترح أن تسهل الوصول إلى اتفاق إذا كان لبنان يرغب في ذلك». والتقى جيرو بعد ذلك رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ودار الحديث حول الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة.ثم التقى رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة، فالرئيس السابق للحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، ثم مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» عمار الموسوي في مقر العلاقات الدولية في الضاحية الجنوبية. ومساء التقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وكان جيرو زار صباحاً وزير الخارجية جبران باسيل، ويزور اليوم الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، ثم رئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل.