احتلّت المطربات السودانيات القادمات من أوروبا والبلاد العربية مثل البلابل، ونانسي عجاج، وإيمان لندن وغيرهن، مسارح الخرطوم. وللمرة الاولى منذ سنوات عدة، تنفد التذاكر قبل موعد الحفلات، كما حصل في حفلة نهارية أقيمت في قاعة الصداقة وغنت فيها «البلابل»، المجموعة الغنائية المكوّنة من ثلاث أخوات هنّ أمال وهادية وحياة. وكانت بداية ظهورهن في سبعينات القرن الماضي مع الموسيقار بشير عباس، وعلى رغم تحقيقهن شهرة واسعة في السنوات التالية، إلا انهن تفرقن اواخر الثمانينات، كما حصل مع مطربين ومطربات وفرق غنائية، بالتزامن مع التحولات السياسية التي أتت بحكومة الانقاذ في 30 حزيران (يونيو) 1989 والتي فرضت تضييقاً خانقاً على كل ما له صلة بالفن، خصوصاً في التسعينات، ما أدّى إلى توقف المبدعين وهجرة الغالبية إلى أوروبا والدول العربية، خصوصا مع منع بث الاغنيات «العاطفية» في القنوات السمعية والمرئية الرسمية وتقليص زمن حفلات الافراح إلى الحادية عشرة، بعد ان كانت تمتد إلى فجر اليوم التالي. وانهارت نتيجة ذلك اوضاع شركات الانتاج الفني وغابت المهرجانات الفنية التي قدمت العديد من المطربين والمطربات في وقت سابق. ففقدت الاغنية السودانية الكثير من جمهورها خصوصاً في دول غرب افريقيا حيث عرفت انتشاراً لافتاً في الثمانينات. وفي السنوات الاخيرة حصلت تغييرات عدة خففت من قبضة النظام الحاكم وعاودت الفعاليات الفنية أنشطتها، وشهدت الساحة عودة ملحوظة للمطربين والمطربات من المهجر. لكن الصوت النسائي المنفرد ظل غائباً، إلا وسط المجموعات الغنائية. وثمة اصوات نسائية ظهرت في العاصمة المصرية مثل جواهر التي غنت باللهجة المصرية، وستونة التي قدمت بعض الاغنيات الشعبية. لكن المنابر المحلية لم تحتف بها، أقله ليس كما حصل مع رشا الشيخ الدين التي تعيش في اسبانيا وفرقتها الموسيقية المتعددة الجنسية والتي تقدم الغناء الشعبي السوداني في قوالب غربية وافريقية. شاركت الشيخ الدين في مهرجانات دولية مختلفة، ربما كانت السبب وراء انتشار اسطواناتها في الخرطوم. وفي أول ظهور لها في بلدها منذ فترة، وصلت تذاكر حفلتها إلى أرقام قياسية (نحو 50 دولاراً للتذكرة)، ومع ذلك تزاحمت عليها الجماهير! اما نانسي عجاج وهي ابنة الموسيقي الراحل بدر الدين عجاج فقد ظهرت وسط الجالية السودانية في المملكة الهولندية. وحضرت أخيراً الى الخرطوم و قدمت حفلات عدة خلال شهر رمضان وأيام عيد الفطر على خشبتي المسرح القومي وبيت الفنون، بعد جولة فنية طويلة شملت مدناً أميركية عدة. وكانت سبقتها إلى الخرطوم المطربة شروق أبو الناس المقيمة في الامارات العربية والتي تركز حضورها على الشاشة الصغيرة وبعض المناسبات الاجتماعية وغابت عن المسرح. وباستثناء البلابل، فان هذه الاسماء النسائية ظهرت اساساً في المهجر ولم يعرف لها أي نشاط من قبل في السودان. وعلى رغم ان مسابقة للموهوبين تبثها قناة النيل الازرق السودانية، اسبوعياً منذ اربع سنوات، قدمت العديد من المطربات الشابات، إلا انهن لم يصلن بعد إلى المستوى الذي يجعلهن منافسات لهذه الاسماء القادمة من المهاجر والتي اسهمت في ظهورها وترسيخها الصحافة المستقلة والمواقع السودانية في الانترنت.