أعلنت وزارة الداخلية السعودية القبض على 135 متهماً من جنسيات مختلفة في مناطق سعودية عدة أخيراً، مشيرة إلى أن القضايا التي ضبطوا بسببها تتنوع ما بين السفر لمواقع القتال للتدريب والعودة لتنفيذ عمليات تستهدف أمن البلاد، والإفتاء والتمويل، وتهريب الأسلحة، واستهداف رجال أمن في العوامية. وذكر المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي خلال مؤتمر صحافي عقد في الرياض أمس أن إجمالي المقبوض عليهم خلال الفترة الأخيرة في قضايا الإرهاب بلغ 260 سعودياً، و33 مقيماً، منهم 135 متهماً أعلنت أسماؤهم أمس. وأوضح أن منفذي جريمة الدالوة في الأحساء لم يدخلوا ضمن الإحصاءات المعلنة، مؤكداً أن منفذي العملية المقبوض عليهم من السلطات الأمنية حالياً يبلغ عددهم 80 متهماً. وفي رد على سؤال «الحياة» عن وجود شعارات على أرض الواقع لبعض الجماعات المتشددة، قال التركي إن هناك من يسعى للتزييف، ويريد أن يرسل رسالة يهدف من خلالها إلى أن التنظيم له وجود وتأثير في المملكة. ونفى وجود شعارات للتنظيمات المتشددة في المملكة، موضحاً أن بعض المتطرفين قاموا باستغلال الأطفال في كتابة ورفع بعض الشعارات، والهرب من الموقع وترك الأطفال في مواجهة مع رجال الأمن، مؤكداً أنه تم القبض على أشخاص ممن تورطوا في رفع الشعارات. وفي رده على سؤال آخر ل«الحياة» عن طريقة التعامل الأمني مع المحرضين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قال اللواء التركي: «لا ننكر وجود مثل هذا التحريض، ولا ننكر قيام البعض باستغلال وسائل التواصل الاجتماعي للترويج والتحريض لبعض الجماعات المتشددة، لكن عندما نتحدث عن أشخاص فلا بد أن يكون هذا الشخص المحرض موجوداً على أراضينا حتى نتمكن من تطبيق الأنظمة». وذكر أنه إذا ثبت دليل على الشخص المحرض فسيتم القبض عليه، وإخضاعه للتحقيق بموجب الأمر السامي القاضي بمعاقبة من يؤيد أو يساند الجماعات المتشددة. ولفت إلى أن هناك جهات عدلية بموجب الأنظمة تستطيع أن تقرر من هو الشخص الذي ارتكب جريمة التحريض، وبناء عليه يتم استدعاؤه للتحقيق معه من الجهات المختصة وهيئة التحقيق والادعاء العام، موضحاً أن الوصول للمحرضين عبر مواقع التواصل الاجتماعي يجري بالتنسيق مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وبعض الجهات المعنية. وذكر أن المقبوض عليهم في الآونة الأخيرة كانوا في مرحلة الإعداد والتجهيز لعمليات إرهابية ضد منشآت وشخصيات اعتبارية، مبيناً أن عمليات القبض على بعض المطلوبين جرت بالاعتماد على بلاغات واردة من مواطنين للسلطات الأمنية. ولفت التركي إلى أن المقبوض عليهم يرتبطون بولاءات خارجية متعددة، موضحاً أن قائمة ال135 المعلنة شملت 109 سعوديين، و16 سورياً، وثلاثة يمنيين، ومصري، ولبناني، وأفغاني، وإثيوبي، وبحريني، وعراقي، وشخص من حملة البطاقات. ونوّه إلى أن «عمليات القبض أتت على ضوء المحاولات المتكررة للنيل من أمن الوطن واستقراره، إذ تمكنت الأجهزة الأمنية من متابعة مجموعات مشبوهة فرّقها الانتماء الفكري ووحّدها الإرهاب، ويقف من خلفهم أولئك الحاقدون الذين خيّب الله بمنه وفضله آمالهم في النيل من البلد الأمين وأمنه». وأفاد بأن 40 موقوفاً من القائمة الأخيرة أوقفوا في مناطق مختلفة من المملكة، لتورطهم في الخروج لمناطق الصراع والانضمام للتنظيمات المتطرفة، وتلقي التدريب على الأسلحة والأعمال الإرهابية، ومن ثم العودة إلى الوطن للقيام بأعمال مخلة بالأمن، موضحاً أن 54 موقوفاً ألقي القبض عليهم في مناطق مختلفة من المملكة بعد ثبوت ارتباطهم بالتنظيمات المتطرفة. وأشار إلى تنوع أدوارهم في أشكال مختلفة من الدعم لتلك التنظيمات، شملت التمويل والتجنيد والإفتاء ونشر الدعاية الضالة والمقاطع المحرضة وإيواء المطلوبين وتصنيع المتفجرات وغيرها. ولفت إلى أن 17 موقوفاً ضبطوا على خلفية علاقتهم بأحداث الشغب والتجمعات الغوغائية، وإطلاق النار على رجال الأمن في بلدة العوامية، وحيازة السلاح وتهريبها، والتخطيط لتنفيذ أعمال مخلة بالأمن، وارتباطهم بولاءات خارجية، مضيفاً: «فيما قُبض على ثلاثة أشخاص في محافظة القطيف سعوا لتجنيد عناصر بهدف إرسالهم للخارج لتدريبهم وتجهيزهم، ومن ثم العودة لتنفيذ عمليات إرهابية داخل المملكة». ولفت إلى أن 21 موقوفاً تورطوا في محاولة الدخول إلى المملكة أو الخروج منها بطريقة غير نظامية والقيام بتهريب أسلحة. وتابع: «لا يمكن ربط جماعة الحوثيين ب«داعش»، فالاتجاهات الفكرية في ما بينهم مختلفة، ولكنهم يسعون لهدف واحد في النهاية، وهو محاولة تجنيد أكبر قدر من أبناء المنطقة وتهريبهم من طريق البحر والبر لتنفيذ عمليات إرهابية». وألمح إلى أن هناك جماعات ودول تقف وراء التغرير بأبناء الوطن، إذ تملى عليهم الأوامر بسبب انتماءاتهم الفكرية التي تسعى من خلالها بعض الجماعات لتنفيذ غاياتها وإلحاق الضرر بأمن المملكة. وشدد على أن المنطقة مقبلة على «موجة قذرة من الإرهاب أكثر من سابقها». وقال: «لا يمكن أن نركز انتباهنا على دولة معينة أو تنظيم معين ونغفل البقية، هناك الكثير من الدول والتنظيمات المتطرفة تسعى إلى استدراج أي سعودي تلتمس أنه يشاركها الولاء في أي أمر كان، وبالتالي تعمل على استقطابه وتدريبه وتهيئته ليعود إلى المملكة من جديد على شكل قنبلة موقوتة». وأوضح أن هناك لجنة تعمل على تقصي ومراقبة ما يستجد من ظهور بعض الجماعات المتطرفة والمحظورة، «وعند ظهور أية جماعة متشددة فلن تتردد الداخلية في إضافتها إلى قوائم الجماعات المحظورة وتجريمها». ولفت إلى أن هناك من يستغل رغبة الناس في عمل الخير، من خلال إثارة العواطف لجمع المال بطريقة بدائية ومتدرجة، بيد أن هذه المبالغ تتضخم مع الوقت لتصل إلى أرقام كبيرة، ومن ثم إرسالها للمنظمات الإرهابية. واعتبر أن تنظيم «داعش» يمارس الإرهاب كغيره من المنظمات الإرهابية، ويعمل بشكل حثيث على تشجيع السعوديين للعودة إلى بلدهم وارتكاب أعمال إرهابية، موضحاً أنه في كثير من الحالات التي تم القبض بها على إرهابيين في المملكة يتضح أن لهم زعامات داخل المملكة، وتحظى هذه الزعامات بمباركة التنظيم الأم في الخارج. وأوضح المتحدث الأمني أن المنضمين إلى الجماعات الإرهابية ينحدرون من جنسيات وثقافات تعليمية واقتصادية مختلفة، إذ إن المسألة تتعلق بالفكر الذي استطاع أن يجند ويغرر بأعداد كبيرة حول العالم، نافياً أن يكون الموضوع مرتبط بالجنسية أو بشخص لا يحمل هوية.