طهران، موسكو، باريس، لندن، نيويورك - «الحياة»، أ ب، رويترز، أ ف ب - ارتفعت حدة التوتر بين ايران والدول الست المعنية بملفها النووي عشية محادثات جنيف المقررة بعد غد الخميس، واعتبر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا ان المحادثات دخلت «سياقاً جديداً» بعد كشف طهران المنشأة النووية الجديدة لتخصيب اليورانيوم قرب قم. تزامن ذلك مع استكمال «الحرس الثوري» أمس، مناوراته التي أطلق خلالها صواريخه الأبعد مدى، والقادرة على بلوغ إسرائيل والقواعد العسكرية الأميركية في المنطقة. وأرفقت إيران المناورات بتأكيد قدرة صواريخها على الوصول الى «أي مكان يهددها»، متوعدة إسرائيل برد على أي هجوم «يعجل» بزوال الدولة العبرية، في حين أجمعت عواصم الغرب على إدانة «الاستفزاز» التي تشكله المناورات «المزعزعة للاستقرار» في المنطقة، وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون ل «الحياة» في بيروت أمس، أن «أسوأ شيء هو أن تفشل الديبلوماسية التي نقودها حالياً» مع إيران. ورداً على سؤال عن احتمال مهاجمة منشأة التخصيب الجديدة، قال فيون إن «ما حصل في إيران إخفاء للوقائع». وأكد أن فرنسا تريد أن تساهم في إحلال السلام في هذه المنطقة، وزاد: «ديبلوماسيتنا حاسمة وهي تحترم القواعد والقانون الدولي، لكننا في الوقت ذاته نمد يد الحوار» الى طهران. وواجهت المناورات الصاروخية تنديداً شديداً في الغرب، إذ اعتبر البيت الابيض انها ليست عمل استفزازي، وحض طهران على ان توافق خلال محادثات جنيف على الوصول فورا وبدون اعاقة الى محطة الوقود النووي التي اعلنت أخيراً عن انشائها. ووصف الناطق باسم البنتاغون براين ويتمان المناورات بأنها «مزعجة»، مضيفاً أن الولاياتالمتحدة والدول الأخرى تركز على لقاء جنيف «لترى هل هناك سبيل ديبلوماسي للمضي قدماً، وإذا لم يكن الأمر كذلك، تبيان الخطوات التي يجب اتخاذها». واعتبرت الخارجية الفرنسية المناورات «مزعزعة للاستقرار»، ونبهت الى أنها «لا يمكن إلا أن تعزز قلق دول المنطقة والأسرة الدولية، فيما تطور إيران في شكل مواز برنامجاً نووياً، وبينما تبيّن أخيراً وجود موقع سري لتخصيب اليورانيوم». ودعت طهران الى «اختيار نهج التعاون بدل المواجهة». وانتقدت برلين وروما المناورات الصاروخية التي اعتبرها وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند «جزءاً من استفزاز سنوي» إيراني. وتابع: «الأمر غير مقبول، ولكن يجب ألا نبتعد عن المسألة الأساسية، وهي معرفة كيف سترد إيران» في اجتماع جنيف. وفي الاممالمتحدة، طلب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من نظيره الايراني منوشهر متقي خلال لقاء جمعهما على هامش اعمال الجمعية العامة ان تبدي ايران «تعاوناً حقيقياً» مع مجموعة الدول الست الكبرى وان «تقدم أدلة على ان برنامجها النووي ليس عسكريا» وان «توافق على دخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى مواقعها النووية». وصرح لافروف للصحافيين بعد اللقاء ان اجراء ايران مناورات لاطلاق الصواريخ ليس أمراً محظوراً لكنه يطرح تساؤلات تتطلب اجوبة. اما متقي فقال ان بلاده «هي التي تطلب من الدول الست اثبات تعاونها في اجتماع جنيف» الخميس. الى ذلك سعت موسكو الى تهدئة الأزمة، إذ نقلت وكالة «انترفاكس» عن مصدر في الخارجية الروسية قوله: «الآن ليس وقت الاستسلام للانفعالات، من الضروري الهدوء والأهم بدء عملية تفاوض فاعلة. نحن في انتظار النتائج التي سيسفر عنها اجتماع جنيف، ونعتمد على الإيرانيين ألا يأتوننا صفر اليدين». وكان قائد سلاح الجو في «الحرس الثوري» الإيراني الجنرال حسين سلامي أعلن أن قواته اختبرت أمس بنجاح صاروخ «قدر-1» وهو النسخة المعدلة من «شهاب-3»، كما اختبرت صاروخ «سجيل» المؤلف من طبقتين ويعمل بالوقود الصلب، وذلك في المرحلة الثالثة والأخيرة من المناورات التي بدأت الأحد. ويبلغ مدى صاروخي «شهاب» و «سجيل» نحو ألفي كيلومتر. وأشار سلامي الى أن «كل الأهداف في المنطقة أياً يكن موقعها، ستصبح في مرمى هذه الصواريخ»، محذراً من رد إيراني «مدمر على أي تهديد لوجودها». وأعلن «الحرس» عبر موقعه الإلكتروني ان المناورات اختُتمت «بنجاح وحققت كل أهدافها». في الوقت ذاته، حذر وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي إسرائيل من مهاجمة بلده، قائلاً: «إذا حدث ذلك وهو ما لا نتوقعه، ستكون نتيجته النهائية التعجيل بآخر نفس للنظام الصهيوني». وأضاف أنه إذا شنت إسرائيل هجوماً فإن «عمرها الافتراضي الذي يقترب الآن من نهايته، سيتم التعجيل بنهايته»، معتبراً أن «النظام الصهيوني هو على حافة الدمار». لكن الناطق باسم الخارجية الإيرانية حسن قشقاوي شدد على ان «لا علاقة» بين هذه المناورات والكشف عن منشأة التخصيب التي «لا تنتهك القانون الدولي». وذكر ان إيران «مستعدة لتوضيح كل جوانب المصنع النووي الجديد». تزامن ذلك مع تشديد مير حسين موسوي المرشح الإصلاحي الخاسر للانتخابات الرئاسية، على معارضته فرض عقوبات على طهران. وجاء في بيان له نُشر على موقع إصلاحي: «نحن ضد فرض اي عقوبات على بلدنا». وحذر النائب علاء الدين بوروجردي رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني الغرب من «فشل» مفاوضات جنيف، منبهاً الى أن نجاح «دعاية الدول الغربية» سيعيد «المفاوضات الى نقطة الصفر».