ربما يكون الفيلم الذي حققه المخرج الهوليوودي، من أصل نمسوي، بيلي وايلدر عن شرلوك هولمز، واحداً من أكثر الأفلام الهولمزية ابتعاداً عن شخصية التحري الشهير التي ابتدعها سير آرثر كونان دويل، لتصبح الأشهر في عالم الأدب البوليسي.ومع هذا يظل هذا الفيلم وعنوانه «حياة شرلوك هولمز الخاصة» واحداً من أجمل الأفلام المستقاة من مغامرات هولمز وصديقه د. واطسون. فلماذا حقق الفيلم فشلاً جماهيرياً ذريعاً حين عرض عام انجازه 1970؟ ربما لأنه أتى بعيداً جداً من المغامرات الهولمزية... وفي المقابل، أمّن له هذا البعد خلوداً يتجسد بين الحين والآخر في عروضه التلفزيونية. واليوم يعرض الفيلم على شاشة «آرتي» الألمانية - الفرنسية، لمناسبة قرب عرض فيلم روائي جديد في الصالات يعيد هولمز الى «الحياة» بعد غياب. أما الذين سيشاهدون الفيلم اليوم، فإنهم سيدركون بالتأكيد فرادة عمل وايلدر هذا وطرافته... ومن ثم: السر في عدم اقبال الجمهور العريض عليه، فهو بعد كل شيء فيلم غريب، لا يتمحور من حول جريمة مطلوب حل ألغازها، بل من حول حياة هولمز الخاصة وضجره الذي جعله يشاهد باليه روسي ليلتقي براقصة تطلب منه مرافقتها فيعتذر بزعم انه مثلي الجنس، وانه «لا يخون صديقه واطسون». ووايلدر من خلال هذه الحكاية قدم صوراً وشخصيات عدة، بدءاً من مسعى لحل لغز وحش بحيرة نيس، وصولاً الى طائفة سرية من قساوسة غامضين، مروراً بعصافير كاناري بيضاء اللون، وبأرملة بلجيكية... ومدن اسكتلندية. وكأننا، بعد كل شيء في عوالم لويس بونويل السوريالية. * «آرتي»، 18.45 بتوقيت غرينتش.