كشف قاضٍ سابق أن عوامل اجتماعية تقف خلف تنامي حالات «الخلع» في المجتمع السعودي، موضحاً أنه لا يوجد مبلغ محدد شرعاً ل«الخلع». وقال القاضي السابق عبدالله العثمان ل«الحياة»: «يحق للزوج شرعاً المبلغ الذي قدمه كمهر إلى الزوجة وأيضاً ما قدمه من هدايا»، لافتاً إلى أن ما يفوق ذلك «إن كانت الزوجة غير مستطيعة يعتبر إرهاقاً لها». وأضاف العثمان أن «من المسببات الاتفاق خارج المحكمة على مبلغ الخلع، وحينها ترضخ الزوجة وأسرتها لذلك، لأنهم وضعوا اعتبارات عدة دفعتهم لذلك، من أهمها طول جلسات المحكمة. وأيضاً تعطيل أمور الزوجة المتعلقة بالسفر للدراسة أو ضرورة الحصول على موافقة ولي الأمر لمزاولة عمل، فيكون الخيار الأسهل الدفع»، لافتاً إلى أن «بعض الأسر تكره الدخول في إشكالات مع الطرف الآخر في المحكمة، فتشتري حرية ابنتها». وأضاف القاضي السابق العثمان: «غالباً ما يطلب الزوج تعويض خسارة الزواج الأول، ليتمكن من الزواج من أخرى، إلا أنه قد يدخل في أخذ المال بغير وجه حق. كما لا يمكن للمحكمة التدخل إن اتفق الطرفان على مبلغ الخلع»، لافتاً إلى دور لجان إصلاح ذات البين الموجودة في المحاكم، «ليلجأ إليها الزوجان، والبعض يستعين بحكمين من الطرفين، للتفاوض حول مبلغ الخلع». بدوره، قال القاضي السابق في محكمة الأوقاف والمواريث في محافظة القطيف الشيخ محمد آل عبيدان: «لا يوجد ما يمنع جشع الزوج، بل هناك ما يفيد، فإنه وإن كان من حق الزوج أن يطلب ما شاء من البذل، لكن بعض العلماء يشترطون ألا يكون المبلغ المطلوب مجحفاً للزوجة بأن يوقع ضرراً عليها، أو يؤدي لوقوعها في الحرج». وأوضح آل عبيدان أنه «يرجع في تحديد كون المبلغ مجحفاً من عدمه إلى العرف، فيتفاوت من فرد إلى آخر، ولو كان مبلغ البذل مجحفاً للزوجة، عرض عليه الحاكم أو المأذون من قبله مبلغاً مناسباً للوضع، وإن لم يمكن الوصول لأمر يرضي الطرفين، وكانت الزوجة كارهة للزوج، طلقها الحاكم الشرعي، أو أمر المأذون من قبله بطلاقها». وأضاف أنه «لا يوجد تحديد معين للبذل الذي تدفعه الزوجة، فيمكن أن يكون أكثر من المهر الذي دفعه الزوج، ويمكن أن يكون أقل مما دفعه، ويمكن أن يكون مساوياً، فما يطلبه الزوج، على الزوجة دفعه ليقع الخلع». وفي ما يختص بالبتِّ في مسألة الحد الأعلى للبذل في مقابل الخلع قال: «في مثل هكذا موارد يتدخل الحاكم الشرعي، ويكون له دور في وقوع الطلاق، لأن الشرع لا يقبل بالإضرار، ولا ريب في أن تعليق المرأة وحبسها، بعدم طلاقها ضرر عليها، وفي الموارد التي يكون هناك ضرر على الزوجة، يمكن للحاكم الشرعي أو المأذون من قبله أن يطلقها، وإن لم يكن الزوج راضياً». وأقر القاضي آل عبيدان بأن مثل هذه القضايا «كثيرة، وإلى اليوم يردني الكثير من هذا النوع، والدوافع في ذلك مختلفة، فقد يكون الدافع رغبة الزوج في الزوجة، وهذا موجود، لكنه قليل، والغالبية أن تكون غاية الزوج استرجاع ما صرفه على الزوجة لرغبته في إنشاء حياة جديدة تحتاج إلى مصاريف، وقليلة هي الحالات التي تكون غاية الزوج إيذاء الزوجة والانتقام منها».