ابتسم القدر لأكثر من 12 ألف أسرة فقيرة في المدينةالمنورة تقيم في منازلها الشعبية المتهالكة المجاورة للحرم النبوي الشريف، في نحو 24 حياً، إذ قدرت اللجان المعنية بتعويضات المساكن التي تقرر نزعها لمصلحة مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز للتوسعة الكبرى للمسجد النبوي قيمة المتر المربع في المباني الملاصقة للمسجد النبوي بنحو 90 ألف ريال، فيما قدرت قيمته بالنسبة إلى المباني المجاورة بحدود 65 ألف ريال. (للمزيد) وهكذا أضحى آلاف الفقراء هناك موعودون بالثراء. ولم يخطر ببال مصطفى البلوشي أن منزله المتواضع الذي يستلف قيمة فواتير كهربائه من معارفه أحياناً كثيرة، سيكون سبباً في ثرائه وتحقيقه أحلامه المادية، بعد دخوله أخيراً في حيز المباني التي ستصرف الدولة لأصحابها تعويضات بعد نزع ملكيتها في سبيل توسعة الحرم النبوي. إذ إن البلوشي الذي ورث عن والده بيتاً شعبياً لا تتجاوز مساحته 120 متراً في أحد الأحياء المجاورة لمسجد رسول الله، قدّرت اللجنة المشرفة على التوسعة تعويض المتر المربع في تلك المنطقة ب65 ألف ريال، وهو أمر قد يقلب حياته تماماً من الحاجة والفقر إلى الغنى. وبدا سعيداً وهو يقول ل«الحياة»: «منزلنا الذي اشتراه والدي في حي قباء قبل أكثر من قرن، وأصبح اليوم متهالكاً وضيقاً على عائلتي الصغيرة، لا أحصي المرات التي تسبب فيها بشقاوتنا، لكن حال صرف الدولة لتعويضاتنا التي قدّرها لي قائمون على تثمين المنازل بنحو 8 ملايين ريال، ستبدأ سعادتنا بامتلاك منزل واسع وفخم في المدينة وسيارة حديثة وتحقيق جميع أحلامنا». وعلى رغم اغتباط البلوشي الذي يعمل مراسلاً في جهة حكومية بقرب انفراج كربتهم، وتحوّلهم من طلب العون المادي من المحسنين وفاعلي الخير، إلى مغتنين عن الناس، لم يخف حزنه وألمه من ابتعادهم قسراً عن مجاورة النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لا تفصلهم عن مسجده حالياً سوى خطوات معدودة. وقال: «أموال الدنيا جميعها لا يمكنها أن تعوّضنا هذه الميزة، لا يمكنني أن أصف لك مشاعرنا ونحن نصحو من النوم على الأذان فجراً لنلحق على الصلاة سيراً على الأقدام في الحرم، ولا أجواء رمضان، ولا صداقاتنا مع الزوار والحجاج، إلى جانب استفادتنا المادية من بيع بضائعنا على المعتمرين». وذكر عبّاس التوخي، وهو صاحب مؤسسة عقارية تدير منازل يشملها التعويض، عن وجود أكثر من 12 ألف أسرة تشابه حال أسرة مصطفى، ستتبدل حياتهم من ضيق إلى فرج، إذ تشمل التوسعة أجزاء من 24 حيّاً. ولفت إلى أن التعويض للمتر المربع في منزل البلوشي يعد من أقل التقديرات، إذ يبلغ في شوارع ملاصقة للحرم نحو 90 ألف ريال للمتر.