على وقع تظاهرات غاضبة منددة بامتيازات كبار المسؤولين عمت مدن وسط العراق وجنوب، توجه رئيس الوزراء نوري المالكي إلى الأنبار في زيارة مفاجئة، بحث خلالها مع مجلس المحافظة وشيوخ العشائر في تسوية الأزمة. وأعلن «النصر على الإرهاب بمساعدة العشائر». ورافق المالكي في زيارته الرمادي (عاصمة الأنبار) التي ما زالت بعض أحيائها تشهد اشتباكات بين مسلحي «داعش» وقوات الأمن، عدد من القادة الأمنيين. وفيما كان هدف الزيارة المعلن الاطلاع على سير العمليات، فإن المالكي استثمرها لإرسال رسائل لطمأنة أهالي الأنبار، على ما قال القيادي في ائتلافه سامي العسكري. وتضمنت «الرسائل» قراراً بتطويع 10 آلاف من مقاتلي العشائر في الأجهزة الأمنية، وتكريم العسكريين الذين قاتلوا خلال الأسابيع الماضية، وتأكيد استجابة الحكومة كل المطالب التي طرحها أهالي الأنبار خلال تظاهراتهم التي استمرت طوال عام 2013. لكن تصريحات المالكي التي بدت إيجابية وكانت إشارة إلى الموافقة على تطبيق مبادرة مجلس المحافظة لإنهاء القتال، لم تتطرق إلى وضع الفلوجة التي يسيطر عليها مسلحون من العشائر وتنظيم «داعش» ومجموعات أخرى، كما لم تتطرق إلى شروط المبادرة نفسها، مثل سحب الجيش من المدن ونقل ملف النائب المعتقل أحمد العلواني إلى المحافظة بدلاً من محاكمته بغداد، وإعلان عفو عام عن المقاتلين. وأكد العسكري ل «الحياة» أن: «الجميع يتحدث الآن عن قرب الحسم العسكري (في الفلوجة) فالمهلة التي حددتها الحكومة لانسحاب المسلحين انتهت والجو مناسب لإنهائها». وزاد: «أن تأخير الحسم الأمني كان لتجنب إراقة الدماء وإيقاع الخسائر من الطرفين، وكذلك لإسقاط حجج وتبريرات المحتجين على العمل العسكري». وأكد أن «تنظيم داعش وغيره من التنظيمات المسلحة لا تعرف غير الحسم العسكري، وإلا فإن نفوذها سيتمدد كما حصل في ناحية سليمان بيك في صلاح الدين وجرف الصخر في بابل». لكن الوضع الميداني ما زال يؤكد الكلفة الباهظة لاجتياح المدينة، فالمسلحون يتخذون مواقع دفاعية حصينة، ويسعون إلى نقل المواجهة إلى أطرافها، ويوسعون نطاق سيطرتهم على مواقع جديدة. وكانت منظمة الأممالمتحدة أعلنت الأربعاء أن 300 ألف شخص نزحوا من الأنبار على وقع المعارك، وأن أعداد النازحين مرشحة للزيادة. وتأتي هذه التطورات فيما تتعرض الحكومة والقوى البرلمانية الرئيسة، خصوصاً «ائتلاف دولة القانون» الذي يقوده المالكي، لضغوط شعبية كبيرة، تنديداً بتمرير البرلمان أخيراً قانوناً للتقاعد يتضمن منح النواب وكبار المسؤولين في الدولة امتيازات مالية خارج الضوابط الإدارية. وانتشرت التظاهرات في 10 محافظات على الأقل أمس، رفعت خلالها شعارات ضد القوى السياسية والنواب، وذلك بعد أيام من مطالبة المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني الأهالي بعدم انتخاب القوى التي مررت القانون. وهذه فتوى وتدخل نادران في الشؤون السياسية، منذ أن طلب من سكان مدن الجنوب التصويت عام 2005 لائتلاف يضم أحزاباً دينية ما زالت تقود البلاد منذ ذلك الحين.