بعد أقل من 24 ساعة على إسقاط الحزب الديموقراطي الذي يتزعمه الثقة عنه، قدّم رئيس الحكومة الإيطالية إنريكو ليتا استقالته إلى الرئيس جورجيو نابوليتانو، الذي كان حضر افتتاح العام القضائي صباحاً. وقال ليتا إنه سيقدّم استقالة «لا رجوع عنها» لإتاحة الفرصة أمام الرئيس لإجراء مشاورات سريعة، ومعالجة العقد الحكومية في أسرع وقت، علماً أن رحيله تزامن مع أنباء اقتصادية جيدة أشارت إلى خروج من الانكماش بعد سنتين من تراجع متواصل لإجمالي الناتج الداخلي. وبلغت نسبة النمو 0.1 في المئة في الفصل الأخير. ويُتوقّع أن تكون المشاورات سريعة وتنتهي خلال غداً بتكليف الرئيس عضو الحزب الديموقراطي رئيس بلدية فلورنسا الشاب ماتيو رينزي مهمة تشكيل الحكومة. وكشفت أوساط مقربة من رينزي، أن تشكيلته الحكومية جاهزة، ويُتوقع أن يؤدي مع وزرائه قسم اليمين الدستورية الإثنين على أبعد تقدير. وكان حزب «فورزا إيطاليا» بزعامة سيلفيو بيرلسكوني وحركة «5 نجوم» طالبا الرئيس بمثول ليتا أمام البرلمان لكشف الملابسات التي أفضت إلى هذه الأزمة. لكن الرئيس وليتا نفسه اختارا أن يناقش البرلمان الموضوع خلال عرض الحكومة الجديدة، ما يعني أن البرلمان لم يُجرد من اختصاصاته وصلاحياته الدستورية. ويستند خيار الرئاسة إلى سوابق شملت حكومتي بيرلسكوني وماريو مونتي السابقتين. وكان ليتا تولّى رئاسة الحكومة في نيسان (أبريل) الماضي بعد أكثر من شهرين من جمود دستوري بسبب افتقاد تحالف برلامني قادر على تشكيل حكومة، ما أفضى إلى ميلاد حكومة ضمّت الأضداد الحزب الديموقراطي وحزب بيرلسكوني وحركة ماريو مونتي. ثم ترك بيرلسكوني وحزبه التشكيلة الحكومية، لكن وزراء في حزبه رفضوا ترك ليتا ومواقعهم الوزارية، ما تسبّب بانشقاق في حزب بيرلسكوني بقيادة نائبه وزير الداخلية، آنجيلينو آلفانو. وفيما يلف الغموض مستقبل الحكومة المقبلة، في ظل عدم امتلاك ماتيو رينزي إلاّ وعوداً وتلميحات من أطراف برلمانية بدعم جهده، عنونت مجلة «لسبرسو» الأسبوعية أمس: «قفزة قاتلة»، وأشارت إلى أن «رنزي يتولى إدارة عملية دبرت خلال اجتماعات مغلقة قبل شهرين، ويمكن أن تكرس زعامته أو تبدد شعبيته». وكتبت صحيفة «لا ستامبا» على صفحتها الأولى: «خلل إيطالي أبدي»، مشيرة إلى غموض رهان رنزي في السياسة، بينما تحدثت صحيفة «لا ريبوبليكا» عن «خطر الألاعيب البهلوانية». واعترفت صحيفة «كورييرا دولا سيرا» بأن الأمين العام للحزب الديموقراطي يتحلى بمواهب قد تفاجئ الآخرين، لكن لا يجب أن تقتصر الأمور على مؤثرات خاصة، ومن الضروري تبديد الانطباع بأن ما يحصل عملية تبديل في قصر اعتادت إيطاليا عليها». ومن دون أن يطالب بتنصيب رسمي وبعد الإشادة ب «العمل المهم الذي أنجزه» ليتا، اقترح رنزي «فتح صفحة جديدة تتضمن إطلاق مشروع إنعاش جذري». وزاد: «على إيطاليا تغيير آفاقها ووتيرتها والخروج من المستنقعات»، محدداً الأفق بنهاية الانتخابات النيابية في 2018، ومعلناً إصلاحات طموحة». وتواجه إيطاليا منذ سنتين أسوأ أزمة اقتصادية بعد الحرب، وقد تراجع إجمالي ناتجها المحلي نحو 4 في المئة وفاقت نسبة البطالة 12 في المئة.