قرر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مجدداً طرح مشروع قانون إعادة هيكلة الهيئة العليا للقضاء أمام البرلمان للتصويت عليه اليوم، في ظل قيادته حملة على جبهات عدة ضد ضغوط يواجهها من المعارضة بسبب فضيحة الفساد التي طاولت وزراء اضطروا إلى الاستقالة ومقربين منه. وتريث أردوغان سابقاً في طرح مشروع القانون بطلب من الرئيس عبدالله غل الذي اعتبر أن المشروع يُخضع القضاء لسلطة الحكومة، مشدداً على محاولة إيجاد صيغة حل وسط مع المعارضة، لكن يبدو أن رئيس الوزراء توصل إلى تفاهم مع الرئيس على دعم الأخير الحملة ضد المعارضة. وفسرت وسائل إعلام تدشينهما مترو جديداً في أنقرة أول من أمس، وتأكيدهما في رسالة مشتركة أهمية استقرار تركيا والترفع عن السجالات الداخلية، بأنه دعم من القصر الرئاسي لأردوغان. وأعلن أردوغان قبل يومين أنه لا يعارض إلغاء النظام الداخلي في حزبه «العدالة والتنمية» الحاكم الذي يمنع ترشح رئيس الوزراء لولاية ثالثة إذا أجمع على ذلك قادة الحزب، ما قد يفتح الطريق أمامه لتمديد رئاسته للحكومة في انتخابات 2015، ويعني تراجعه عن التفكير في الترشح للرئاسة، الأمر الذي يستفيد منه غل. في غضون ذلك، أعلنت الحكومة تغيير مواقع مئات من القضاة الإداريين في المحافظات، ما يمهد، وفق حزب الشعب الجمهوري المعارض، ل «تزوير الانتخابات البلدية المقررة في 30 آذار (مارس) المقبل، باعتبار أن غالبيتهم ستكلف مسؤوليات مراقبة شفافيتها». وطالبت وزارة العدل بتصويت البرلمان على رفع الحصانة عن زعيمي أكبر حزبين للمعارضة: كمال كيليجدار أوغلو ودولت باهشلي، بحجة رفع مواطنين قضايا تمس الأمن القومي ضدهما. واحتج حزب الحركة القومية بزعامة باهشلي بشدة على توقيت الطلب، وقال أوكطاي فورال، نائب زعيم الحزب: «فيما ترفض وزارة العدل طلب المحققين ووكلاء النيابة التحقيق مع وزراء فاسدين ورفع الحصانة عنهم، تنتبه الآن إلى وجود طلبات رفع حصانة مقدمة منذ أكثر من سنة، وتطرحها الآن على البرلمان في شكل مفاجئ». ووصف فورال طرح رفع الحصانة بأنها «مساومة رخيصة يسعى إليها أردوغان من أجل إسكات المعارضة عن انتقاده، وكشف فساد حكومته». أما كيليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، فكرر اقتراح رفع الحصانة عن جميع النواب والوزراء، باستثناء ما يتعلق بالقضايا السياسية، مع العلم أن طلب النيابة رفع الحصانة عنه وعن باهشلي يشمل تحقيقاً في تصريحات أدليا بها بخلاف قانون الحملات الانتخابية قبل سنوات. على صعيد آخر (رويترز)، قال الرئيس التركي إنه يرى مشاكل في مشروع قانون مثير للجدل يدعمه اردوغان يشدد رقابة الحكومة على الانترنت. وتغص مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع تبادل ملفات الفيديو بتسجيلات منسوبة لوزراء، بينهم اردوغان، وحلفائهم في الشركات مقدمة كدليل على ارتكاب مخالفات ترتبط بفضيحة كسب غير مشروع شغلت تركيا على مدى شهور. وأمام غل حوالي عشرة أيام أخرى للتصديق على القانون أو الاعتراض عليه. وقال اردوغان إن القانون الجديد الذي فجر مظاهرات احتجاج في اسطنبول مطلع الأسبوع ضروري لحماية الخصوصية. وسيسمح القانون لهيئة الاتصالات بمنع الوصول إلى مواد في غضون أربع ساعات دون قرار مسبق من المحكمة. وقال غول للصحافيين: «هناك مشكلة أو مشكلتان (في مشروع القانون). نعمل على حلها». وسيكون تحدي الحكومة والاعتراض على مشروع القانون أمرا غير مألوف بالنسبة لغل، وسيضعه في خلاف مع أردوغان، قبل أسابيع من انتخابات محلية حاسمة.