تعقد اللجنة المركزية لحزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم في الجزائر اليوم، دورتها العادية المخصص للمصادقة على التشكيلة الجديدة للمكتب السياسي ومناقشة قضايا تنظيمية، إلا أن فريقاً من داخل الحزب، مناهضاً لأمينه العام عمار سعداني، دعا إلى مقاطعة أعمال الدورة بحجة «عدم الشرعية»، وجعل الحزب في موقع «المعادي للاستخبارات». ويُعد هذا الاجتماع بمثابة الخطوة الأخيرة في طريق الحزب نحو طرح تعديل دستوري يتيح تمديد ولاية الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. ويُفترض أن يلتقي مسؤولو «جبهة التحرير الوطني» المتخاصمون في ما بينهم، وجهاً لوجه في أهم حدث تنظيمي خاص بالحزب الحاكم وهو اجتماع اللجنة المركزية، أعلى هيئة فيه. وعلمت «الحياة» أن قيادة الشرطة الجزائرية سخّرت فرقاً أمنية ضخمة لحماية فندق الأوراسي الذي يستضيف الاجتماع، وذلك خشية تظاهر مناصرين غاضبين ينقسمون بين موالين لبوتفليقة وبين تيارات أخرى تعارض سياسات سعداني وما يدعو إليه من تمديد مدة حكم الرئيس. ومن المقرر أن يقدم سعداني أمام أعضاء اللجنة المركزية، تشكيلة المكتب السياسي الجديدة، والتي سيتم المصادقة على اختيارها بالتزكية، وذلك بعد أن أجرى الأمين العام سلسلة مشاورات مع القيادات في الحزب بشأنها. ويُفترض أن تشكيلة المكتب السياسي، التي ستضم 15 عضواً على الأرجح، خلت من أسماء الوزراء الذين استبدلهم بوتفليقة في التعديل الحكومي الأخير، بسبب رفضهم خطط تمديد ولايته، في حين يُعتقد أن الوزير الوحيد الذي سيحتفظ بعضويته في المكتب هو وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح. ويُعتبر نجاح سعداني في إيصال مكتب سياسي جديد مساند للتعديل دستوري، تقدماً واضحاً لمصلحة فريق بوتفليقة. وكان سعداني أطلق في الآونة الأخيرة سلسلة مبادرات سياسية تجاه أكثر أحزاب المعارضة راديكاليةً، شملت حزب «جبهة القوى الاشتراكية»، الأمر الذي أدرجه المراقبون في إطار السعي لتوفير مناخ سياسي ملائم يتيح للرئيس الجزائري الترشح للانتخابات الرئاسية العام المقبل. وذكرت قيادة الحزب الحاكم، التي يرأسها بوتفليقة شرفياً، أن تشكيلة المكتب السياسي الجديدة تراعي التمثيل الجهوي رغم أن قوانين الحزب لا تلزم الأمين العام بذلك، لكن «من المتوقع أن تكون تشكيلة المكتب السياسي تمثل مختلف مناطق الوطن ومنسجمة مع توجهات الحزب وتتمتع بصدقية لدى القاعدة النضالية وأعضاء اللجنة المركزية». ويُتوقع أن يتضمن خطاب الأمين العام اليوم، نداءاً لبوتفليقة بالترشح لولاية رابعة متتالية. في المقابل، هاجم قياديون في الحزب، سعداني بسبب «تفرده» بإعلان ترشيح بوتفليقة، في حين ستُعتبر تزكية لائحة الأخير انتصاراً لجناح الرئيس في اللجنة المركزية التي تضم أكثر من 300 عضو. وكثّف الجناح المعارض بقيادة المنسق السابق للمكتب السياسي عبد الرحمن بلعياط، مساعيه لإفشال دورة اللجنة المركزية «التي ستُبنى على أساس غير شرعي بما أن القضاء الجزائري لم يبتّ بعد بشأن تزكية عمار سعداني نفسه كأمين عام، إثر الدعوى الموجهة للقضاء الإداري». ويبدو بلعياط ومعه منسق ما يعرف ب «الحركة التقويمية» في الحزب، عبد الكريم عبادة في سباق مع الزمن لمحاولة إفشال دورة اللجنة المركزية المرتقبة. وتتمثل هذه المحاولة في ثني أكبر عدد ممكن من أعضاء اللجنة المركزية عن الحضور. وصرح عبادة أن «التقويمية بصدد القيام بعمل موازٍ (لنشاط سعداني) لإشعار أعضاء اللجنة المركزية بخطورة الوضع، وبخطورة عمار سعداني على الحزب». ويعيب هذا الفريق على سعداني أيضاً «استعداءه للاستخبارات»، وذلك بعد تصريحاته الأخيرة عن وجود مشروع لإبعاد «الجنرالات عن السياسة». وأُشيع أن تلك التصريحات صدمت حتى المقربين من الأمين العام وأحرجت مؤسسة الجيش، التي عبرت في وقت سابق أن «التغييرات التي أُجريت داخل المؤسسة العسكرية هدفها التوافق مع مشروع التحديث لا أكثر».