بدأت في العاصمة السعودية الرياض أمس فعاليات المهرجان الوطني السنوي ال29 للتراث والثقافة (الجنادرية)، بمشاركة أكثر من 300 مفكر ومثقف من داخل المملكة وخارجها، تفرض ثنائية «الدين والسياسة» حضوراً قوياً في أوراقهم وأطروحاتهم الممتدة طوال أيام المهرجان الذي افتتحه نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز. على مدار خمس جلسات متواصلة يناقش نخبة من أصحاب الرأي في العالم العربي والإسلامي والدولي، قضايا عدة حول «حركات الإسلام السياسي» ومفهوم «الدولة الوطنية»، و«الديبلوماسية السعودية والمتغيرات الإقليمية والدولية»، عوضاً عن ندوات وأمسيات شعرية تراوح بين الفصحى والعامية، موزعة على المدن الرئيسة في المملكة، إضافة إلى تكريم كل من الشاعر سعد البواردي والكاتب عبدالله بن شباط. وتضمن افتتاح المهرجان أوبريتاً غنائياً يحمل اسم «كوكب الأرض»،كتب كلماته الشاعر عبدالله أبوراس، ولحنه الموسيقار ناصر الصالح، وشارك في غنائه الفنانين محمد عبده وعبدالمجيد عبدالله وراشد الماجد وماجد المهندس. وتنطلق اليوم في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بالرياض أولى فعاليات النشاط الثقافي بندوة حول «المملكة والأمن القومي العربي». ويناقش عدد من المحللين المتخصصين في دورة هذا العام مفهوم الإسلام السياسي من بينهم: القيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين ثروت الخروباي، ورئيس تحرير مجلة «وجهات نظر» أيمن الصياد، ورئيس تحرير صحيفة «المصريون» جمال سلطان، والناشط الإخواني السابق سامح فوزي، والدكتور عبدالحميد الأنصاري (قطر)، والدكتور عبدالله النفيسي (الكويت)، والدكتور ابويعرب المرزوقي (تونس)، والدكتور ضياء أونيش (تركيا)، والدكتور ولي نصر (أميركا). وأوضح رئيس المكتب الإعلامي في السفارة المصرية في الرياض مصطفى عبدالجواد، أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، غرس سنة ثقافية حسنة في المنطقة العربية والإسلامية تتمثل في المهرجان الوطني للتراث والثقافة الوطني «الجنادرية». وقال في اتصال مع «الحياة» أمس (الأربعاء) إن الحوار يعد منهجاً راسخاً في فكر الملك عبدالله بن عبدالعزيز، منوهاً بالمشاركة المصرية في دورة المهرجان ال29. وأشار إلى أن المهرجان خصص هذا العام حيزاً ًكبيراً لمناقشة قضية «حركات الإسلام السياسي والدولة الوطنية»، وذلك في ضوء المتغيرات التي أحدثتها «ثورات الربيع العربي»، بحيث أصبحت تلك الثنائية تشكل إلحاحاً ضاغطا على العقل والفكر السياسي العربي. فيما أكد رئيس جمعية الكتاب والسنة في السودان الشيخ عثمان الحبوب، «إن الحوار في الدين الإسلامي هو الأساس»، داعياً إلى تطبيق شرع الله أمام من يشوه الإسلام وهو دين الفطرة التي فطر الناس عليها. وقال مفتي موريتانيا الشيخ أحمد الشنقيطى «إن جهود المملكة في خدمة الإسلام ملموسة لدى كل منصف يدين بدين الحق». ونوه الشيخ الشنقيطى، بما تطرحه الجنادرية من حوارات بين العلماء والمفكرين وأصحاب الرأى و ما توليه من عناية ملحوظة بالتراث والحرص على إقامة حوارات مفيدة تقرب ولا تبعد وتزيل الكثير من الخلافات التي يحملها البعض. وأشار إلى أن «هذه الندوات التي تتم تحت سقف واحد في فعاليات الجنادرية لها أهمية بالغة فهي تلامس القضايا الراهنة التي تجرى في المجتمعات كافة وليس في المملكة وحدها»، مضيفاً أن «المملكة في تحقيقها لشرع الله إنما تحقق المقاصد التي دعا إليها الإسلام ومن ذلك حفظ الدين والأمن والاتصاف بمكارم الأخلاق». من جهته، أكد رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية في مصر الشيخ عبد الله الجندبى، أن اللقاءات التي تتم في الجنادرية تراثية وثقافية تجمع ثلة من أهل العلم، وهي فرصة لتلاقح الأفكار والتشاور في قضايا المسلمين. وأضاف: «جلست مع بعض المهتمين بهذه القضايا في المملكة فوجدت فيهم الحرص على بيان الحق والدعوة إليه»، مثمناً جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين في الدعوة إلى الحوار «حيث كان لذلك ثمرات جيدة وناجحة لخدمة قضايا المسلمين من خلال الواقع الذي تعيشه المجتمعات الإسلامية».