كمشرفة تربية فنية وراعية لمجموعة من الرسامات على المستوى المحلي، ومن متابعتي للفن التشكيلي على الإنترنت وبرامج التواصل الاجتماعي وغيرها.. لاحظت سيادة «الأنيمي» ووجوه مشاهير الغناء والتمثيل على لوحات أبنائنا (الأنيمي نوع من الرسم يطلق على شخصيات أفلام الرسوم المتحركة اليابانية). من هنا تساءلت: هل هذا كل ما يعرفه الفنان الناشئ؟ لا أنكر أن «الأينمي» و«البورتريه» من الفنون التي تتطلب دقة وإبداعاً، لكن ماذا بعد؟ هل هذا ما سيؤول إليه حال الفن التشكيلي؟ هل هذا ما سنحصل عليه بعد 20 عاماً من جيل التشكيليين الجديد؟ أعتقد آسفةً أن الإجابة «نعم»، هذا كل ما يعرفون وما فتحت أعينهم وتغذت عقولهم عليه خلال نشأتهم. انشغال الأهل وعدم الوعي والتقصير في تغذية عقول الأبناء وتثقيفهم وغرس حب القراءة في نفوسهم، أخرج لنا «جيلاً سطحياً» كل ما يهمه متابعة كل ما استجد في عالم الأجهزة الإلكترونية واقتناء الأغلى ثمناً منها، حتى دون دراية غالبه بكيفية الاستفادة منها لتطوير الشخصية أو إثرائها. غاب دور الأهل وأصبحت هذه الأجهزة هي «الأم» و«الأب» و«المربي»، فكثيرون من الآباء يقيسون مدى نجاح تربيتهم بمدى هدوء البيت، إذ يحرص الأهل أن يجلس طفلهم من عامه الأول أمام شاشة التلفزيون إن لم يكن منذ شهوره الأولى، فقبل أن يصل الطفل إلى سن التمييز تجد بين يديه جهاز «بلايستيشن» أو جهازاً «لوحياً»، ليمضي أياماً بطولها فاغراً فاه أمام هذه الأجهزة، والحجة أنها تلهي الأطفال عن العبث واللعب والإزعاج، لعل البيت ينعم بالهدوء والسلام، متناسين أهمية الحركة في النمو الجسمي، وأهمية الحوار في النمو النفسي، وبناء الشخصية عند الطفل، والمحصلة تتمثل في ظهور جيل بلا ملامح وفن من دون ثقافة. تأتيني رسومات كثيرة على بريدي الإلكتروني بحكم أني وبشكل شخصي أشجع الفن التشكيلي والرسامات في محافظة القريات، فأشجع المرسلة وأثني عليها مع تصوري أن هذه الرسمة لمراهقة لا تتعدى ال12 من العمر، لأفاجئ عند سؤالي عن المرحلة الدراسية بأنها خريجة بكالوريوس! تعجبي ليس لعدم الإتقان، فالرسم والتلوين قد يكون رائعاً لكن «الفكرة سطحية». وما أتحدث عنه ليس حالات فردية، ولا يعمم أيضاً، لكنه بات واضحاً. كلما رأيت لوحات الجيل الصاعد من الموهوبين في الرسم والتشكيل ينتابني الفزع كلما أغمضت عيني وتخيلت الأيام المقبلة.