كثفت واشنطن متابعتها للأزمة السورية وخصوصاً بعد الجولة الأولى من المفاوضات بين وفدَي نظام الرئيس بشار الأسد و «الائتلاف الوطني السوري» المعارض في جنيف، و»الزخم» الذي يراه مسؤولون أميركيون لمصلحة المعارضة. ويتوقع أن تتم هذا الاهتمام، بالسعي إلى زيادة دعم «الائتلاف» مع دعم حذر على الأرض بسبب المخاوف من المتطرفين، مع تأكيد واشنطن بأن «ليس هناك سيناريو يمكّن النظام من الفوز». ويعكس زيادة الاهتمام الأميركي بالملف السوري اجتماعات على مستوى الخارجية والبيت الأبيض بحضور وزير الخارجية جون كيري ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس هذا الأسبوع للبحث بخيارات ما بعد «جنيف2»، اضافة إلى التنسيق مع الكونغرس بعد لقاء مطول لكيري مع عدد من أعضائه يوم الأحد الماضي. وكان السيناتور ليندسي غراهام نقل عن كيري تأكيده «فشل الاستراتيجية» وضرورة القيام بالمزيد لدعم المعارضة المعتدلة. وفي هذا السياق أكدت مصادر غربية ل «الحياة» أن واشنطن تنسق في شكل مكثف مع قوى إقليمية وجهات على الأرض ل «زيادة الدعم لقوات المعارضة المعتدلة وخصوصاً في جنوب سورية» قرب حدود الأردن. ويعكس حديث مسؤولين أميركيين عن نجاح المعارضة على الأرض في الفترة الأخيرة بتمييز نفسها عن المتطرفين ومحاربتها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش). ووفق التوقعات، فإن دعم المعارضة المعتدلة لن يكون في مستوى يمكنها من إطاحة النظام أو قلب درامي للظروف على الأرض. وقال المسؤول السابق عن الملف السوري في الخارجية فريديريك هوف ل «الحياة» إن دعم واشنطن للمعارضة يرمي إلى الحفاظ على «استمرارها أو إحرازها بعض التقدم إنما ليس لسيطرتها» على سورية. ويتخوف مسؤولون أميركيون من تكرار تجربة أفغانستان في سورية ووصول الأسلحة إلى مجموعات متطرفة. من هنا تنتهج الإدارة سياسة حذرة في حجم الدعم، وتستند فيها إلى «قناعة استراتيجية بأن إطار المعركة والنزاع لا يتيح الفوز لنظام الرئيس السوري بشار الأسد وليس هناك سيناريو يمكّنه من ذلك». ومن هنا كلام كيري لشبكة «سي.إن.إن» بأن «لا انتصار عسكرياً ممكناً في سورية». وأكدت المصادر الديبلوماسية الغربية أن واشنطن ترى أن «الأسد يبالغ بقدراته وتقدمه، وأن الواقع على الأرض يعكس موقعاً أكثر ضعفاً وهشاشة للنظام». وتعمل الإدارة إلى جانب متابعة المعارك على الأرض على جبهات عدة في التعاطي مع الأزمة السورية، يبقى الأبرز فيها التعاون مع روسيا رغم حال عدم الثقة بين الجانبين، اضافة إلى الضغط لتوسيع «الائتلاف» والضغط في الأممالمتحدة على النظام للالتزام باتفاق التخلي عن السلاح الكيماوي. ويأتي خروج السفير الأميركي لدى روسيا مايكل ماك فول والسفير لدى سورية روبرت فورد نهاية الشهر الجاري، ليعيد خلط الأوراق في ما يتعلق بالعلاقة مع روسيا وفي الملف السوري. وفيما برز ماك فول ك «وجه ناعم» وقريب من روسيا، قد يأتي خلفه أكثر تشدداً في نظرته للعلاقة الروسية - الأميركية بسبب التعثرات الأخيرة، وفق اعتقاد المصادر. وأكدت مصادر موثوقة ل «الحياة» أنه من المرجح تعيين خلف لفورد من السلك الديبلوماسي له أي من داخل الخارجية، وليس وجهاً من خارج الوزارة. واستبعدت المصادر تعيين روبرت مالي الخبير في مجموعة الأزمات الدولية أو هوف المسؤول السابق، في هذا المنصب.