على رغم عدم اتخاذ البيت الأبيض أو الكونغرس قراراً بتسليح المعارضة السورية، شهدت الفترة الأخيرة تصعيداً أميركياً تدريجياً باتجاه الانفتاح على هذه الفكرة من خلال اقامة اتصالات مباشرة مع قيادة «الجيش الحر» والدخول كوسيط مباشر في توزيع المساعدات العسكرية وزيادة الدعم الاستخباراتي للثوار السوريين. وقال المسؤول السابق عن الملف السوري في وزارة الخارجية الأميركية فريديريك هوف ل «الحياة» إن إعلان واشنطن وتحديداً وزير الخارجية جون كيري فتح «قناة اتصال مباشرة بالمعارضة المسلحة، هو محوري للغاية». وجاء الاعلان بشكل غير مباشر وبعد تأكيد الخارجية إعداد رزمة مساعدات غير مسلحة ل «الجيش الحر»، وتأكيد السفير الأميركي السابق إلى دمشق والمسؤول عن الملف السوري روبرت فورد أمام الكونغرس أنه اجتمع أكثر من مرة برئيس أركان «الجيش الحر» اللواء سليم ادريس، وأن هناك اتصالاً مباشراً بقيادة هذا الجيش. واعتبر هوف الذي يشغل منصب «باحث رفيع في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط» التابع ل «أتلانتيك كاونسل» الأميركي، أن خطوة إرسال مساعدات مباشرة إلى «الجيش الحر، يجب ألا تُفهم بالمعنى التقني وبالتركيز على نوع هذه المساعدات، بل من ناحية فتح قنوات الاتصال بين الجهات الأميركية الرسمية والمعارضة المسلحة السورية». وتابع هوف - الذي أدار ملف سورية لأربع سنوات في الخارجية الأميركية - أن واشنطن تتجه إلى القيام بدور «أكثر انخراطاً» مما كان عليه في السابق في الأزمة السورية. ويتخطى هذا الدور الإطار التقليدي للدعم الذي اعتمدته واشنطن في تجارب سابقة في بلدان «الربيع العربي». ويقع رفض واشنطن حتى هذه المرحلة ارسال مساعدات مسلحة للمعارضة في هذا السياق، وبسبب ما يصفه هوف ب «المخاوف من انتشار هذه الأسلحة و (مسألة صعوبة) تعقبها». غير أنه لفت إلى دور واشنطن ك «حكم» في «آلية توزيع السلاح اليوم والذي هناك وفرة فيه في سورية وضمان وصوله الى المجموعات الصحيحة». ويتحدث المسؤول السابق عن رفع واشنطن مستوى «الدعم الاستخباراتي للثوار» وهو ما تشرف عليه وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.أيه). كما نقلت محطة «سي.ان.ان» معلومات عن تدريب واشنطن لمقاتلين من «الجيش الحر» في معسكرات دول مجاورة. ولفتت مصادر موثوقة ل «الحياة» إلى مراجعة الإدارة الأميركية أداء «جبهة النصرة» التي أدرجتها كمجموعة ارهابية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وفيما لا يتوقع أن ينتج عن هذه المراجعة رفع «النصرة» عن لائحة الإرهاب، أشارت المصادر إلى أن هناك امكانية لاستيعاب المجموعة أو النظر في رفع أسماء بعض قياداتها عن اللائحة. وكان مسؤول أميركي رفيع المستوى أكد ل «الحياة» أخيراً أن «النصرة هي نتاج عنف النظام، وهناك فرصة لاحتواء التطرف إذا وصلنا سريعاً إلى حل سياسي». غير أن مثل هذا الحل لا يبدو قريباً، بحسب هوف. ومع امتداد المعارك إلى أحياء دمشق، وعدم بروز حل سياسي في الأفق يتوقع هوف «حرباً طويلة»، وهو لا يراهن على تغيير في الموقف الروسي الذي تعاطى معه عن كثب خلال عمله في الخارجية الأميركية. ويضيف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «لا يريد دعم تحرك غربي في سورية، وموسكو تتراجع حتى عن التزامات سابقة في اتفاق جنيف» الذي توصلت إليه الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن في حزيران (يونيو) الماضي وحدد ضرورة الاتفاق على «المرحلة الانتقالية» في سورية. ويرجح هوف «امتداد» الأزمة السورية، وتقوية المعارضة في المرحلة المقبلة، في مقابل لجوء النظام إلى وسائل «التدمير والعقاب الجماعي» الذي سيفاقم التداعيات الاقليمية، بحسب رأيه.