علمت «الحياة» من مصادر أردنية رفيعة أن قضية توقيف نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» الأردنية، زكي بني ارشيد، إضافة إلى 21 عضواً يتبع الجماعة على خلفية اتهامات تتعلق بقانون محاربة الإرهاب بدأت تأخذ منحى آخر بعد اتهامات غير معلنة وجهت إلى بعضهم تتعلق بتهريب السلاح والمال إلى الأراضي الفلسطينية وإنشاء تنظيم سري مسلح داخل التنظيم الأردني. وعُلم أن السلطات وجهت إلى اثنين من المعتقلين تهمة تلقي تدريبات عسكرية في قطاع غزة، بعد مشاركتهم في زيارة نظمها وفد أردني في وقت سابق إلى القطاع. وقالت المصادر إن «هذين الشابين حاولا تدريب آخرين من الإخوان بهدف تنفيذ عمليات في الضفة الغربيةالمحتلة، وجمع أموال لشراء أسلحة وتهريبها إلى الضفة وتنفيذ عمليات ضد سلطات الاحتلال». وجاءت هذه الاتهامات غير المسبوقة التي توجه إلى الجماعة الأردنية المرخصة بعد أيام على اعتقال سلطات الاحتلال الإسرائيلي ما قالت إنها خلية تابعة لحركة «حماس» كانت تنوي تنفيذ عمليات داخل الضفة الغربية، وبين المعتقلين أردنيان هما المهندسان عبد الله الزيتاوي، الذي قامت قوات الأمن بتفتيش منزله قبل نحو أسبوع، ومحمد جبارة. وكان القضاء العسكري وجه إلى المعتقلين الأردنيين تهمة حيازة أسلحة والتخطيط لأعمال إرهابية، فيما وجهت لبني ارشيد تهمة الإساءة إلى دولة شقيقة هي الإمارات. واستمرت حملة الاعتقالات في صفوف «إخوان» الأردن، أمس، إذ اعتقلت السلطات الأسير السابق لدى إسرائيل أحمد أبو خضير. وكانت السلطات اعتقلت في وقت سابق الأسير المحرر مازن ملصة، والباحث في شؤون الأسرى غسان دوعر ونجله براء، كما طاولت الصحافي خالد الدعوم وعدداً من الناشطين غالبيتهم من المهندسين أو العاملين في نقابتهم. وكشفت المصادر أيضا أن أحد أبرز الأسماء التي وردت في التحقيقات الأردنية هو القيادي في «حماس» والأسير السابق في سجون الاحتلال صالح العاروري والمقيم حاليا في تركيا، وهو الاسم الذي ورد أخيراً باعتباره أحد المسؤولين عن «الخلية» التي أعلنت إسرائيل اعتقالها في الضفة الغربية. لكن العاروري نفى في تصريحات صحافية أمس أي علاقة له بالتحقيقات في الأردن، مؤكدا سياسة «حماس» بعدم العمل العسكري على الساحة الأردنية. وقال إن «حماس ملتزمة بأن لا تعمل انطلاقاً من الأردن أو في الأردن. وبالنسبة لها الأردن ليس ساحة عمل. وهذا أمر تعرف الأجهزة الأمنية الأردنية التزامنا به. ساحة عملنا ومقاومتنا هي فلسطين، وعدونا هو الاحتلال الصهيوني». غير أن مصادر متطابقة قالت ل»الحياة» إن لدى السلطات الأردنية معلومات مؤكدة تشير إلى اتهام العاروري في قضية «إخوان» الأردن، لكنها نفت تورط «حماس» في التنظيم السري الأردني. وقالت المصادر إن اتجاهاً جديداً فتح في التحقيق بعد اعتقال بني ارشيد وتوجيه تهم له على خلفية قانون منع الإرهاب. وأضافت أن التحقيقات تحاول التأكد ما إذا كان هناك رابط بين عدد من المعتقلين وبني ارشيد. إلى ذلك، قال حكمت الرواشدة، محامي بني ارشيد، إن «مدعي عام محكمة أمن الدولة رفض تكفيل بني ارشيد إضافة إلى أستاذ الشريعة الدكتور محمد سعيد بكر للمرة العاشرة». وكانت القيادي في «الإخوان» علي أبو السكر التقى على نحو غير معلن قبل أيام رئيس مجلس الأعيان (مجلس الملك) عبد الرؤوف الروابدة، لبحث ملف المعتقلين، لكن اللقاء لم يسفر عن شيء. كما طلبت قيادة الجماعة لقاء رئيس الوزراء عبد الله النسور للغاية ذاتها، وما زالت تنتظر رداً على طلبها. وقال القيادي في «الإخوان» مراد العضايلة، رداً على الاتهامات الجديدة، إن «أياً من المعتقلين لم يثبت عليه تهريب أو شراء سلاح». وأضاف: «كل ما ثبت حتى الآن هو أن هناك من جمع تبرعات ونقلها للضفة الغربية المحتلة لا أكثر ولا أقل». واستغرب العضايلة التوجه للربط بين المعتقلين و»صناعة تنظيم عسكري للجماعة»، وقال: «هذا أمر غير معقول، وهو أقرب للجنون. كانت المعلومات تقول إن هناك محاولات لعزل زكي بني ارشيد سياسياً عبر الحكم عليه بالسجن». ولا يعرف بعد ما إذا كانت الاتهامات المذكورة ستدفع الأردن إلى إعلان جماعة «الإخوان المسلمين» منظمة محظورة. لكن سياسيين أردنيين يرجحون لجوء الدولة إلى سيناريو التعامل مع ملف «الإخوان» القضائي بوصفه قضية أفراد، لا على أساس مسؤولية الجماعة عنهم، ما يعني عدم محاسبتها سياسياً وقانونياً.