قاوم مهرجان مسقط السياحي 2014 عقبات أراد المحافظون منها النيل من المهرجان السنوي، اذ أوجدوا فتاوى تحرّم زيارة مواقعه. وبعد أيام من انطلاقته قامت أعضاء فرقة أجنبية بالرقص على مسرح مفتوح وبأزياء اعتبرت خادشة لقيم المجتمع المحافظ، وتناقلت الهواتف الذكية مقطع الرقص مع حملات لمقاطعته باعتباره «مكاناً للفسق والمجون»، وكانت المفارقة أن الذين شاهدوا الرقصة على المسرح قليلون نسبة قياساً بالذين شاهدوها على الهواتف بعد تناقلها. في «حديقة العامرات»، خلف جبال مسقط، كما هو الحال في حديقة النسيم الواقعة على حدود محافظة العاصمة، يبدو المشهد مزدحماً، فكلما ازدادت الأصوات الداعية إلى المقاطعة توافد الآلاف إلى متابعته، فيما تعمل الشرطة على تسهيل الدخول إلى مواقف المهرجان والخروج منها. كما تعمل وحدة أخرى منها على حفظ النظام داخل المكان المحاط بالتراثيات بدءاً من بواباته، وصولاً إلى أماكن العرض بين الممرات، فيما يتابع الجمهور كل نصف ساعة عرضاً بالضوء والماء مع أغانٍ وطنية تراثية. وبدا واضحاً أن الجمهور ينحاز إلى القيم التراثية من خلال الإزدحام على كل ما هو آتٍ من الماضي. زحام في سوق الحرفيين العماني، والقرية التراثية بأشكالها الحضرية والريفية والبدوية، مروراً بالعشرات الذين ينتظرون أدوارهم للحصول على وجبة من الأطعمة الشعبية من نساء يخبزن ويصنعن مأكولات محلية، وصولاً إلى بائع الحلوى التقليدية الذي يصنعها أمام الحضور. وقسمت بلدية مسقط، منظِّمة المهرجان، الفعاليات الحرفية إلى قسمين، الأول يعطي إحساساً بأن الزائر سيدخل إلى سوق تقليدي، حيث يجلس الحرفيون يمارسون مهنهم أمام الزوار، كصانعي السعفيات والفخاريات والنحاسيات والسفن وغيرهم من أصحاب المهن، فيما يضم الثاني وضمن معرض التحف العالمية معروضات عمانية قدمها حرفيون، وجلست عشرات النساء في صف طويل يبعن البخور والأدوات الخاصة به من اللبان العماني. وبين هذه المساحة وتلك، تقف سفينة خشبية وحولها حركة من البيع والشراء في إحالة حقيقية إلى مشهد القرية التقليدية، سواء منها تلك التي تحافظ على هويتها العتيقة أو التي تغيرت بها الأحوال ليبقى المشهد مجرد تذكار حي، يضاف إلى مشاهد النساء وهن يعشن يومياتهن من تفاصيل تتعلق بالأزياء أو الأغاني المعروفة في المناسبات كعيد ميلاد طفل أو خلال اللعب على الأرجوحة. في ركن لافت، تعرض مجموعة من المجسمات التراثية لنساء ورجال بالأزياء التقليدية يمارسون حياة لم تعد حاضرة بقوة في المشهد الراهن، إضافة إلى لوحات تبدو كأنها ثلاثية الأبعاد، اعتمد مبدعها على إبراز التراث العماني من أزياء أو فضيات، إضافة إلى الرقصات التراثية من الفنون الموسيقية التقليدية في السلطنة. ويتحدث سعيد اليزيدي لزواره عن معروضاته، ويقف مستمتعاً بضوء آلات التصوير التي تحتفي بمشاركته الأولى في «حديقة العامرات» ضمن مهرجان مسقط السياحي. يقول اليزيدي ل «الحياة» إنه «عاشق للتراث أكثر من كوني فناناً تشكيلياً». ويوضح أنه لن يبيع مجموعته الفنية التي اشتغل عليها خمس سنوات تقريباً لأن لديه مشاركة طويلة في ولاية صور بالمنطقة الشرقية من عُمان، حيث ستقيم وزارة السياحة معرضاً لمدة ستة أشهر، وقبلها سيغادر إلى الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة في معرض آخر هناك. ويشير إلى مجسمات صنعها من نشارة الخشب وتظهر عنايته بالحياة اليومية القديمة، ليؤكد أن الحنين يقوده إلى تلك الحياة التي تغيب عنا في العصر الراهن. وتحمل مجموعته التي يعرضها في مهرجان مسقط الجانب التراثي فقط كون المكان مخصصاً للتراث، أما الأعمال السوريالية التي اشتغل عليها فتركها في مشغله بولاية إبراء، حيث يمضي الوقت بعد تقاعده من الوظيفة الحكومية. وشارك في المعرض الدولي للحرف والفنون التقليدية نحو 70 حرفياً وحرفية من 19 دولة.