يطلب بائع تونسي ثمناً باهظاً لقطعة أثاث خشبية كونها مشاركة في مهرجان مسقط للفنون والتراث والإبداع، وفي خيمة أخرى تضم إبداعات حرفية من دول أخرى يزدحم المكان لمشاهدة تحفة فنية أخرى صنعها مغربي وقدّر ثمنها بأكثر من خمسة آلاف دولار، وبالفسيفساء رسم حرفي آخر صورة صغيرة للسلطان قابوس عرضها بعشرة آلاف دولار. في القرية العالمية في العاصمة العُمانية، تصطف مجموعة من الخيام الكبيرة التي تعرض مجموعة واسعة من الحرف اليدوية بعضها يتم الاشتغال عليه أمام الجمهور. قطع فنية على مستوى احترافي عالٍ تقدم إبداعات من شتى بقاع العالم. ويقول أحد المشرفين على المهرجان سيف الرشيدي بأن المجموعة المشاركة من الحرفيين اختيرت بعناية، مشيراً إلى وجود أكثر من 30 دولة منها أوزبكستان وطاجيكستان وأذربيجان والمكسيك وفرنسا وتركيا والسنغال وبوركينا فاسو والمغرب وتونس والجزائر وسورية ومصر وفلسطين ولبنان وروسيا، إضافة إلى مشاركة الهيئة العامة للصناعات الحرفية من السلطنة وغيرها من الدول التي يعرض حرفيوها مختلف الصناعات والحرف. ويوضح مدير برنامج تطوير الحرف اليدوية في مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية في اسطنبول نزيه طالب معروف بأن هذه الفعالية «فرصة جيدة لتبادل الخبرات والتقنيات وتعرف الفنانين الى بعضهم بعضاً»، مشيراً إلى أن الهدف من وجود جائزة قيمة، هو مشاركة العديد من المبدعين الحرفيين من مختلف الدول وتكريم الحرفيين وتقديرهم لأنهم يمثلون الهوية التراثية والثقافية لبلدانهم، ويساهمون في شكل فاعل في تحريك الجانب الاقتصادي من خلال تسويق المنتجات الحرفية التي يقومون بها من خلال توظيف مهاراتهم، في انتظار أن تصبح جائزة دولية على المستوى الدولي. ويرى نزيه أن فعاليات أخرى ستقام ضمن المهرجان بينها ندوة دولية خلال الفترة من 18 - 24 الجاري تُعنى بالفنون والتراث يشارك فيها 15 باحثاً يناقشون فيها الوضع الحالي للحرف في دولهم وأهم المصاعب التي تواجه القطاع الحرفي مع اقتراح أبرز الحلول لتطوير القطاع مستقبلاً. وتبلغ قيمة الجائزة 100 ألف دولار موزعة على عشرة أقسام وكل قسم خصص له 10 آلاف دولار موزعة على ثلاث جوائز الأولى قدرها 5 آلاف دولار والثانية 3 آلاف دولار والثالثة ألفي دولار بمجموع ثلاثين جائزة لثلاثين حرفي سيتم اختيارهم من طريق لجنة متخصصة تضم المشرف العام للفعاليات الحرفية بحديقة القرم الطبيعية جمعة الشكيلي (سلطنة عمان) والدكتور نزيه طالب معروف (تركيا) وناوتي سوزوكي (اليابان) ومحمد الخطيب (مصر) ومديرة المؤسسة العربية للثقافة والفنون بلبنان فائقة عويدة. وتتنوع الثقافات بين أجنحة الدول مع تنوع الثقافات، ففيما تطل الثقافة الافريقية من خلال أجنحة السنغال أو بوركينا فاسو فإن الثقافة الشامية تطل بجمالياتها في الجناح السوري والمغاربية في جناحي المغرب وتونس. وعلى وقع العود يستقبل السوريون زوارهم، فيما يشير المشرف على الجناح محمد سامر اتاسي أن المشاركة السورية تعد سنوية في المهرجان لما لمسه من إقبال في الدورات الماضية. ويقول: «قدم الجناح السوري هذا العام مجموعة من الحرف اليدوية القادمة من محافظة حماه المعروفة بأنه سوق المهن اليدوية ومن أهم المعروضات بالجناح نسيج الشلات على النول اليدوي والرسم على القماش الذي يتميز بألوانه الجميلة الرائعة ويوجد الموزاييك حفر على الخشب المحلى بالزخرفة ويوجد معنا أيضاً المطرزات الشرقية وصناعة المكارم وصناعة البسط على النول ونفخ الزجاج اليدوي واللوحات الخشبية الثلاثية الأبعاد وصناعة الآلات الموسيقية». ومن الجناح التونسي تعرض نجية ما تشتغل عليه من رسم على الخشب والصناعات الفخارية مؤكدة أنها تحاول الابتكار والمزج بين التراث والحداثة في لوحاتها. وتشير اللبنانية ثريا بابا إلى أنها تستخدم الأزياء القديمة وتستحدثها بما يتناسب مع الحداثة حيث تضيف للزي الملبوس جمالية للشخص وتستخدم ثريا في المهنة القطن والحرير ووبر الجمل المعزول يدوياً والإكسسوارات وأضافت أن مثل هذه المشاركات مهمة لها من حيث التعرف الى طبيعة العمل وعادات وتقاليد البلاد كما إنها فرصة لاقامة علاقات متبادلة بين الحرفيين والمشاركين والاستفادة منهم وان الإقبال جيد في أيام من المهرجان. ويعرض الجناح التركي الأسلحة التقليدية والأدوات النحاسية والأحذية الجلدية وكذلك الأدوات التقليدية للتجميل إضافة الى الكراسي والطاولات المزخرفة المصنوعة من الخشب، فيما يعرض الجناح المغربي فنونه الحرفية على وقع وصلات غنائية تقدمها فرقة التخت الشرقي المغربية والشاي الذي تشتهر به إضافة إلى أهم المأكولات في المغرب، مع صفوف طويلة تقف خارج الجناح، عرب وآسيويون، لنيل فرصة أمام الخطاط الذي كتب أنه لا يريد مقابلاً لنقش أسمائهم على ورقة صغيرة مزخرفة سوى ابتسامة. وفي جناح الحرف العمانية التقليدية يقدم العمانيون حرفهم التي قد يعرفها الزائر العماني لكنها فرصة ليتعرف اليها القادمون من خارج السلطنة، بخاصة مع ما تقدمه من تطوير لهذه الحرف ومحاولة عصرنتها، كالاستفادة من سعف النخيل لصناعة كراسٍ وطاولات والفخاريات التي تتحول إلى نافورات ناطقة بمفردات التراث.