تجذبك رائحة الكسكس والطاجين الطالعة من جناح المغرب في معرض الحِرف العالمية الذي اختتم أمس في مسقط، حيث تُقدّم الأطباق التقليدية الشهية والشاي والقهوة على إيقاع الموسيقى والأغاني الشعبية. ويلفتك الجناح الفلسطيني بمجموعة منتجاته من المطرزات المشغولة بوجع النساء وآلامهن، وباللوحات البارزة للمسجد الأقصى وقبة الصخرة، إلى جانب الحفر على الخشب والنحاس والنقش على الزجاج وصناعة النوافير المنزلية. لكنّ عينيك يسحرهما الطابع العمراني العُماني الذي ارتأت بلدية مسقط اعتماده لتصميم واجهة «المهرجان العالمي للفنون والتراث والإبداع» في حديقة القرم الطبيعية، حيث تُعرض مشغولات حِرفية تُظهر ثقافة البلدان المشاركة في «مهرجان مسقط» السنوي الذي يواصل احتفاءه بثقافات العالم. يتمتّع الزائر لهذه الاحتفالية الضخمة المقسمة الى أجزاء وفروع، بمشاهدة أنامل مبدعي هذه الأعمال المتنافسة للفوز بالمسابقة السنوية للمهرجان، وهم يصنعون حِرفهم ومنتجاتهم التراثية داخل جناح محاط بالحصون العمانية. فيما يعرض نحو مئة حِرفي أعمالهم التراثية في الخارج الى جانب سوق شعبية ثقافية يجد الزائر فيها كتباً ولوحات تشكيلية تعكس توجّهات المبدعين العُمانيين. وعلى مقربة من السوق تعرض مالي وليبيا منتجاتهما اليدوية من الخشب والصوف والسجاد والجلد والعبيّ والفضيات المنقوشة بأيدي النساء، إضافة الى منتجات الحرير. واختارت الكاميرون الخشب لتُبرز به مهارات حِرفييها، علماً أن عدد الحِرف المرتبطة بالأخشاب يصل إلى مئة نوع إذ تدخل هذه المادة الطبيعية في صناعة مختلف الأثاث والأدوات الصغيرة كالميداليات والأواني الخشبية. وأشار أحد الحِرفيين إلى أنه يُمضي شهرين على الأقل في صنع كرسي هزاز تدخل فيه خمسة أنواع مختلفة من الأخشاب هي: البتي واليندي والسابلي والأفوموزيا وشجرة الباي، كما يدخل في صنعه نوع من الأشجار السعفية. أما الجناح التركي الأنيق فقدّم المواد الزجاجية المزخرفة والسجاد المشهور والمجسمات الفضية على أشكال جوامع أو قصور وغيرها من الأشكال التي تتصف بجمال الصنعة والإتقان الحرفي الفائق. لكن هذه المنتجات الجميلة بقيت متعة للنظر فقط، إذ جاءت أسعارها باهظة لا يقدر معظم الزائرين على شرائها. وقد تجاوز سعر أحدها ثمانين ألف دولار، وهو تصميم ضخم لجامع تركي شهير. وتداخلت الفنون الإسلامية بمجموعة من الإبداعات الحرفية الآتية من إيران حيث النقوش الفارسية، وصولاً إلى دول آسيا الوسطى مثل أوزبكستان وتركمانستان وداغستان المعروفة بصناعة السجاد القوقازي الشهير الذي يُصنع من الصوف الملوّن كالزهري والأزرق والأخضر والأصفر. مئة ألف دولار يبلغ مجموع الجوائز المالية التي رصدها المهرجان الذي اختتم أول من أمس، حوالى مئة ألف دولار موزعة على الزخرفة التراثية والصناعات الصوفية والفضيات والفخار والفن التشكيلي والصناعات الجلدية والعطور والبخور والنحاسيات والصناعات الحريرية والتحف والأدوات المنزلية وصناعة المجوهرات والنحت والأزياء التقليدية والنقش على الجبس. ويؤكد رئيس بلدية مسقط سلطان بن حمدون الحارثي أهمية المعرض الذي يقام للمرة الثانية ويعمل على «استقطاب أبرز الكفاءات والحرفيين من 32 دولة عربية وأجنبية من ضمنها السلطنة ممثلة بالهيئة العامة للصناعات الحرفية لضمان تسجيل أعلى مستويات الجودة في الإبداعات المقدمة». وأشار الى أن المعرض يعمل على «إلهام الحِرفيين تحت مظلة المهرجان ويعطي الثقافة والفن العالميين بعداً»، معتبراً أنه يشكل أيضاً «فرصة سانحة للعمانيين العاملين في مجال الحِرف اليدوية للإطلاع على تجارب الحرفيين المشاركين والاحتكاك بتجاربهم والاستفادة من خبراتهم».