بدأت القاهرة في ترتيبات الانتخابات الرئاسية المتوقع أن تنطلق في آذار (مارس) المقبل، وسط ترقب لتعديل وزاري محدود سيعقب إعلان قائد الجيش المشير عبد الفتاح السيسي استقالته المتوقعة الأسبوع المقبل، فيما انشغل مؤيدو الرئيس المعزول محمد مرسي بالحديث عن طرح مبادرة «للمصالحة الوطنية» تتضمن الإقرار بخارطة طريق في مقابل تسوية قضية سقوط القتلى، وهي المبادرة التي أثارت جدلاً داخل تحالف دعم الشرعية. وعقدت اللجنة القضائية الموكل لها الإشراف على الانتخابات الرئاسية أمس، اجتماعاً خصص لترتيب البيت من الداخل تمهيداً لإقرار الرئاسة المصرية الأسبوع المقبل قانون تنظيم الاستحقاق الرئاسي والذي سيعقبه تحديد توقيتات فتح باب الترشح وإعلان القوائم النهائية وعملية الدعاية قبل انطلاق الاقتراع. وأعلنت اللجنة أمس تشكيل الجهاز الفني للأمانة العامة للجنة، الذي سيتولى تنفيذ قرارات اللجنة في شأن الانتخابات الرئاسية بكل مراحلها بدءاً من فتح باب الترشح، وبحث توافر الشروط في مرشحي الرئاسة، وحتى إعلان النتيجة النهائية سواء في جولة واحدة أو جولتين (الإعادة). وفي موازاة ذلك أثار إعلان أطراف في تحالف دعم الشرعية عن مبادرة للمصالحة الوطنية تتضمن الاعتراف بخارطة الطريق والانخراط في العميلة السياسية في مقابل تسوية حقوق القتلى الذين سقطوا في مواجهات جرت عقب عزل مرسي، وتسوية قضية الموقوفين على ذمة قضايا، وإطلاق حرية العمل لمؤيدي مرسي، انقسامات داخل التحالف. وكان رئيس حزب البديل الحضاري المنخرط في التحالف حسام عقل كشف عن المبادرة التي سمّاها ب «الفرصة الأخيرة»، مشيراً إلى أن التحالف يدرسها، وهو ما أقره أيضاً الناطق باسم الجماعة الإسلامية محمد حسان، الذي أكد ل «الحياة» أن الجماعة والتحالف يدرسان المبادرة من أجل الوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة المندلعة في البلاد، وسيتم إعلان موقفنا خلال ساعات. غير أن منسق الجبهة السلفية المنخرطة في التحالف خالد سعيد نفى ل «الحياة» عرض مبادرات جديدة، مشدداً على أن «أي مبادرات لا تضمن القصاص لشهدائنا وعودة المسار القانوني والدستوري لن نقبلها بها حتى لو وافق عليها أعضاء التحالف سننسحب». وهو ما أكده أيضاً نائب رئيس حزب الوطن السلفي يسري حماد الذي رفض «الخضوع لسياسة الأمر الواقع»، في إشارة إلى الإقرار بخارطة الطريق، مشيراً إلى أن التحالف سيظل يعمل في الشارع «بحثاً عن حقوقنا». وقال: «كيف نقبل بالانخراط في العملية السياسية أمام حكم تعدى على انتخابات حرة ونزيهة، عندما لم تأت بالفصيل الموالي له، ويريد أن يدعو إلى انتخابات جديدة؟». ولفت حماد إلى أن أنصار مرسي يعولون على انشقاقات داخل التحالف الحاكم ما يزيد الزخم في الشارع، وقال: «نعول على الأحزاب السياسية التي قبلت بخارطة الطريق، عندما لا تجد لها مجالاً في الفترة المقبلة»، مؤكداً أيضاً أن مؤيدي مرسي مصرون على مقاطعة الاستحقاقات المقبلة. في غضون ذلك، بدا الرئيس المعزول محمد مرسي «مستسلماً» في الجلسة الرابعة لقضية «أحداث الاتحادية» أمس، ولم يُظهر تحدياً لهيئة المحكمة، كما دأب خلال الجلسات السابقة، وأرجأت المحكمة نظر القضية إلى أول آذار (مارس) المقبل، مع ندب محام ثان من نقابة المحامين للدفاع عنه. ووفقاً لإجراءات ندب المحامين، فإن النقابة تختار المحامي حسب جدول تراتبي يضم أعضاءها للدفاع عن المتهمين الذين لم يوكّلوا محامين للدفاع عنهم. ويُحاكم مرسي و14 من قادة جماعة «الإخوان» وتيارات إسلامية بقتل والتحريض على قتل المتظاهرين خلال الاشتباكات التي اندلعت أمام قصر الاتحادية في كانون الأول (ديسمبر) 2012 بين الإخوان ومعارضيهم. ويمثل أمام المحكمة مرسي ونائب رئيس ديوان رئاسة الجمهورية السابق أسعد الشيخة ومدير مكتب رئيس الجمهورية السابق أحمد عبد العاطي والمستشار الأمني للرئيس السابق أيمن هدهد والقياديون في جماعة الإخوان محمد البلتاجي وعصام العريان وعلاء حمزة، والقيادي السلفي جمال صابر، فيما بقية المتهمين في حال فرار. وأدار المتهمون جميعاً عدا جمال صابر ظهورهم لهيئة المحكمة فور دخولها القاعة وظلوا يلوحون بشارات «رابعة العدوية». ووقف المتهمون في قفص حديد غُلف من الداخل بزجاج عازل للصوت، وقُسم القفص إلى جزءين، خُصص أحدهما لمرسي وحده والثاني لبقية المتهمين. وغاب الدكتور محمد سليم العوا عن الجلسة على اعتبار أنه أبلغ المحكمة أنه موكل من مرسي فقط ل «الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بمحاكمة مرسي». وأرجأ المستشار أحمد صبري يوسف رئيس المحكمة المحاكمة لحين تسلم تقرير اللجنة الفنية المختصة بفحص مقاطع الفيديو المصورة المتعلقة بالأحداث، كما قررت أمس إرجاء سماع 3 من شهود الإثبات بصورة موقتة، وجميعهم من قيادات الحرس الجمهوري يتقدمهم قائد الحرس اللواء محمد أحمد زكي. وتضمن قرار المحكمة ندب المحامي ثروت رحوم للدفاع عن مرسي، إضافة إلى المحامي السيد حامد الذي حضر الجلسة بتكليف من نقابة المحامين. وطلب المحامي محمد طوسون عضو هيئة الدفاع عن متهمين من قيادات الإخوان بضم مقاطع فيديو للأحداث، وتقرير رئاسة الجمهورية حول التلفيات التي وقعت في سيارات المؤسسة أثناء الأحداث، وما تعرض له سائق دراجة نارية ضمن الموكب الرئاسي من إصابات. وكشف طوسون عن وجود «مذكرة أعدتها نيابة مصر الجديدة بأنّ لا وجه لتحريك الدعوى الجنائية ضد المتهمين، في شأن وقائع القتل والشروع في القتل... وذلك لعدم كفاية الأدلة». ورد ممثل النيابة العامة المستشار إبراهيم صالح المحامي العام لنيابات غرب القاهرة الكلية على حديث طوسون بقوله إن المذكرة التي صدرت عنه، هي «مذكرة بالرأي» اقترح فيها إحالة المتهم علاء حمزة الذي أشرف على تعذيب المجني عليهم أمام قصر الاتحادية على محكمة الجنايات بتهمة القبض والتعذيب بحق المتظاهرين، وإحالة 4 متهمين آخرين لمحكمة الجنايات أيضاً بتهمة حيازة وإحراز أسلحة بغير ترخيص. وأضاف أن هذه المذكرة ارسلت إلى النائب العام إبان حكم مرسي، لكن لم يصدر فيها رأي نهائي بأنّ لا وجه لإقامة الدعوى، على عكس ما أثاره الدفاع.