تنحت أمس هيئة المحكمة التي تنظر في محاكمة المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين» محمد بديع ونائبيه خيرت الشاطر ورشاد البيومي «لاستشعارها الحرج»، فيما أعلن «الإخوان» أن الرئيس المعزول محمد مرسي لم يوكل محامين للترافع عنه في جلسات محاكمته التي تبدأ الإثنين المقبل بتهمة «التحريض على قتل المتظاهرين» في محيط قصر الاتحادية الرئاسي نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وعزا «التحالف الوطني لدعم الشرعية» قرار مرسي إلى أنه «لا يعترف بسلطة المحاكمة أو أي دعوى أو إجراء صادر من سلطة الانقلاب». وأكد في بيان أن الرئيس المعزول «لم يوكل أي محام مصري أو أجنبي للدفاع عنه». غير أن تبايناً ظهر في طريقة تعاطي جماعة «الإخوان» مع القضايا التي تلاحق قادتها، إذ أنها عينت فريقاً من محاميها يترأسه وكيل نقابة المحامين محمد الدماطي الذي حضر بالفعل جلسة محاكمة بديع ونائبيه أمس، ما أرجعه عضو الفريق القانوني محمد طوسون إلى «بطلان الإجراءات القانونية التي يحاكم بمقتضاها مرسي وبطلان تشكيلة المحكمة التي ستنظر في قضيته». وأوضح ل «الحياة» أن «الوقائع التي يمثل مرسي بسببها أمام القضاء وقعت خلال فترة حكمه، وبالتالي كان ينبغي الالتزام بما ورد في الدستور (المعطل) من إجراءات لمحاكمة الرئيس». ووفقاً للدستور الذي عطله الجيش عقب قرار عزل مرسي، فإنه يستلزم لتحريك دعوى قضائية تختصم الرئيس موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، كما أنه حدد تشكيلاً لمحكمة خاصة يمثل أمامها الرئيس ويترأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى، على أن يقوم بمهمة الادعاء النائب العام بنفسه. وقال طوسون ل «الحياة» إن مرسي «لا يعترف بمحاكمته الباطلة، ولم يوكل أي محام»، مشيراً إلى أن الفريق القانوني «سيحضر متطوعاً جلسات المحاكمة» المتوقع أن تجرى في معهد أمناء الشرطة المتاخم لسجن طرة، وأنه سيلتقي الرئيس المعزول وسيعرض عليه الأمر، «فإذا أصر على رفض توكيل محامين سنلتزم بقراره، أما في حال قرر العكس فسيقوم محام بمهمة الترافع عنه». ولفت إلى أن مرسي رفض أيضاً حضور محام خلال جلسات التحقيق التي أجريت معه في مقر احتجازه. ووفقاً للقانون، لا يجوز إجراء محاكمة من دون توكيل المتهمين محامين، وفي حال رفض المتهمين تطلب المحكمة من نقابة المحامين انتداب محام. وكانت هيئة محكمة جنايات القاهرة أعلنت أمس التنحي عن نظر محاكمة مرشد «الإخوان» ونائبيه في اتهامهم بتحريض عدد من أعضاء التنظيم على «ارتكاب جرائم قتل والشروع في قتل المتظاهرين أمام مقر مكتب الإرشاد في حي المقطم أثناء أحداث 30 حزيران (يونيو) الماضي، ما أدى إلى سقوط 6 قتلى وإصابة 91 آخرين». وجاء قرار المحكمة الذي تلاه رئيسها القاضي محمد فهمي القرموطي في بداية الجلسة «استشعاراً منها للحرج»، من دون أن تفصح عن السبب. وقررت إرسال ملف القضية وأوراقها إلى محكمة استئناف القاهرة لتتولى بدورها تحديد دائرة أخرى من دوائر محكمة جنايات القاهرة للنظر في القضية. وتكرر غياب المتهمين عن الحضور في ثاني جلسات المحاكمة لدواع تتعلق بتأمين مقر المحاكمة التي جرت في دار القضاء العالي في قلب القاهرة وتأمين وصول المتهمين وعملية عودتهم إلى محبسهم. وشهد مقر المحكمة وجوداً أمنياً كبيراً، إذ تم فرض سياج من قوات الأمن المركزي حول محيط دار القضاء العالي الذي تحيط به بالفعل مدرعتان تابعتان للجيش. وكانت الجلسة الأولى التي عقدت أواخر آب (أغسطس) الماضي أرجئت بعدما تلقت هيئة المحكمة رسالة من إدارة الترحيلات في وزارة الداخلية تفيد بتعذر إحضار المتهمين من محبسهم في ظل الظروف الأمنية الحالية. وبمقتضى قانون الإجراءات الجنائية، فإن حضور المتهم، سواء كان محبوساً أو مخلى سبيله، هو أمر وجوبي أثناء محاكمته أمام محكمة الجنايات، ويترتب على عدم وجوده إرجاء المحاكمة، باعتبار أن الحضور أحد ضمانات دفاع المتهم عن نفسه ومتابعة سير محاكمته. وكان محامو المتهمين طالبوا في الجلسة الماضية بإخلاء سبيلهم على ذمة القضية، بدعوى أن التحقيقات التي جرت مع المتهمين لم تكن تتفق وصحيح حكم القانون والاشتراطات التي حددها قانون الإجراءات الجنائية في شأن حقوق المتهم، وفي مقدمها عدم حضور المحامين الموكلين عنهم أثناء إجراء التحقيقات، ما رفضته المحكمة التي أمرت أمس باستمرار سجن المتهمين على ذمة القضية. في موازاة ذلك، انطلقت أمس محاكمة نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة و3 ضباط آخرين في قضية اتهامهم بالتسبب في وفاة 37 موقوفاً وإصابة آخرين من المنتمين إلى «الإخوان» خلال ترحيلهم إلى سجن أبو زعبل. وقررت المحكمة إرجاء القضية إلى جلسة 12 الشهر المقبل، بناء على طلب الدفاع. وكانت النيابة العامة أسندت إلى المتهمين الأربعة تهمتي «القتل الخطأ والإصابة الخطأ بحق المجني عليهم»، إذ أطلق المتهمون قنابل الغاز والدخان داخل سيارة ترحيلات الموقوفين، وهو ما تسبب في مقتلهم اختناقاً نظراً إلى تكدس السيارة بهم وعدم وجود منافذ تهوية.