أثار قرار دمج أكثر من أربعة آلاف جندي أثيوبي الشهر الماضي، ضمن قوات حفظ السلام الأفريقية العاملة في الصومال (أميصوم)، استنكاراً شعبياً بين الصوماليين لدرجة تشبيه العلاقة بين مقديشو وأديس أبابا ب «العلاقة بين فلسطين وإسرائيل». ورأى مراقبون صوماليون أن القرار الأفريقي «خطأ» وناتج من «سوء تقدير سياسي وعسكري»، مشيرين إلى أن مشاعر العداء بين البلدين التي يعود تاريخها إلى مرحلة نشأتهما، لم تندمل كلياً، إذ لا يزال كثير من الصوماليين يعتبرون جارهم الغربي عدواً لدوداً لا يجب منحه أي دور في بلادهم. ودعا الناطق الرسمي لحركة «الشباب» الصومالية المرتبطة بتنظيم «القاعدة» علي محمود راغي، والمعروف بعلي ديري، الصوماليين إلى الانتفاض ضد الأثيوبيين والدفاع عن بلدهم. وقال راغي: «لقد حصلتم الآن على الحقيقة المجردة، لقد تقاسم الأعداء البلاد في وضح النهار»، في إشارة إلى أوغندا وبوروندي وكينيا وسييراليون وجيبوتي، وهي الدول المشاركة في قوة «أميصوم». وأضاف: «تجيز بعثة الاتحاد الأفريقي سفك دماء الشعب الصومالي واحتلال أرض الصومال المسلم والقضاء على دينه. ونحن نقول: استيقظوا من النوم». وكان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود رحب بقرار الاتحاد الأفريقي، قائلاً إن القوات الأثيوبية ستعزز الجهود المبذولة لهزيمة مقاتلي حركة «الشباب» التي تهدف إلى إسقاط حكومته وإقامة دولة إسلامية مكانها. يُذكر أنه بسبب الحروب الأهلية والفوضى التي عمت الصومال في العقدين الماضيين، فإن الدولة الصومالية تفتقر إلى جيش قوي قادر على تحدي قوات «الشباب»، الأمر الذي فرض وجود قوات حفظ سلام أجنبية، إلا أن هناك مخاوف حقيقية من تزايد مشاعر العداء، الموجودة أصلاً لدى الصوماليين ضد القوات الأثيوبية في بلادهم. وفي سياق متصل، صرح السفير الأميركي السابق في أثيوبيا ديفيد شين، بأن قرار الاستعانة بالقوات الأثيوبية «خطأ»، وأن الوجود الأثيوبي على الأراضي الصومالية قد يساعد «الشباب» في تجنيد قوات جديدة لسد النقص الذي تعانيه بعد النكسات المتتالية التي تلقتها أخيراً. وكانت جماعات حقوقية محلية ودولية، اتهمت القوات الأثيوبية، التي غزت الصومال في عام 2006، بقتل مدنيين وارتكاب فظائع. ونفت الحكومة الأثيوبية هذه الاتهامات، إلا أن المنظمات الدولية أصرت على صدق تقاريرها، مشيرةً إلى تلقيها عشرات التقارير عن عمليات قتل ارتكبتها القوات الأثيوبية. وعلى رغم أن العلاقة بين الحكومتين الأثيوبية والصومالية جيدة حالياً، إلا أن البلدين تقاتلا في عام 1977 على إقليم أوغادين، الواقع شرق أثيوبيا، ويعتبره الصوماليون جزءاً من «الصومال الكبير». ويلقي المحللون ظلالاً من الشك حول صدق نوايا أديس أبابا في الانضمام إلى بعثة الاتحاد الأفريقي في هذا التوقيت، مشيرين إلى أن القوات الأثيوبية كانت موجوده في الصومال منذ أواخر عام 2006، لكنها لم تجلب أي استقرار للمناطق الخاضعة لسيطرتها. وقال الناطق باسم بعثة الاتحاد الأفريقي العقيد علي حامد ل «الحياة»، إن الأمور ستتغير لأن القوات الأثيوبية ستضطر إلى «الامتثال» لقواعد العمل التي تتبعها البعثة، مضيفاً أن الهدف من إضافة الأثيوبيين إلى البعثة هو مضاعفة الجهود الرامية إلى التخلص من «الشباب». من جهة أخرى، فإن أكثر ما يغضب الصوماليين هو أن بلدهم بدأ يأخذ الشكل الذي أراده له عدواه التاريخيان كينياوأثيوبيا: دولة ركيكة، منقسمة إلى دويلات مبنية على أساس عشائري غير قادرة على التصدي لطموحات أعدائها وجيش مضعضع. ويضم الصومال الآن دويلتين هما: ولاية «بونت لاند» أو «بلاد البنط» الواقعة شمال شرق البلاد و»جوبا لاند» (ولاية أرض جوبا) في الجنوب، إضافةً إلى أرض الصومال (شمال غرب)، وهو الكيان الذي أعلن انفصاله عن البلاد في عام 1991. وتُبذل جهود مكثفة حالياً لتشكيل دويلة ثالثة في المناطق الجنوبية الغربية.