واصلت أمس بلدة الهرمل البقاعية لملمة جراحها نتيجة التفجير الإرهابي الذي استهدف أول من أمس محطة «الأيتام» للمحروقات التابعة ل «جمعية المبرات الخيرية»، وتبنته «جبهة النصرة»، وأدى الى مقتل أربعة أشخاص وجرح العشرات، فيما شهد لبنان أمس محاولة قد تكون الأخيرة للملمة جراحه السياسية تسبق اعلان ولادة الحكومة الجامعة، وربما بمن حضر، في غضون أيام أقصاها بعد غد الأربعاء بعد أن مضت عشرة أشهر على تكليف الرئيس تمام سلام تشكيل حكومة جديدة. وتمثلت هذه المحاولة بجرعة جديدة من المشاورات تولاها سلام وشملت مساء أمس، كلاً، على حدة، من المعاونين السياسيين لرئيس البرلمان الوزير علي حسن خليل، وللأمين العام ل «حزب الله» حسين الخليل، ووزير الطاقة جبران باسيل ممثلاً رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، وتمحورت حول إقناع الأخير بوجوب السير في حكومة جامعة يتمثل فيها التكتل بأربع حقائب وزارية، واحدة سيادية هي الخارجية واثنتين هما الأشغال العامة والنقل والتربية، وهناك من يقول واحدة منهما وأخرى خدماتية، والرابعة عادية نظراً الى تعذر خرق مبدأ المداورة في توزيع الحقائب الذي أجمع عليه كل الأطراف ما عدا عون، على أن يعود باسيل بجواب نهائي بعد إطلاع عون على ذلك. واستبق سلام لقاءاته مع «الخليلين» وباسيل، بلقاء مع رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة الذي كان التقى أول من أمس رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ومن ثم مع الوزير وائل أبو فاعور بالنيابة عن رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط. ثم إلتقى ليلاً رئيس المجلس النيابي وعرض معه حصبلة مشاوراته. وعلمت «الحياة» من مصادر مواكبة لمشاورات تأليف الحكومة أن قوى «14 آذار»، ما عدا حزب «القوات اللبنانية» برئاسة سمير جعجع، أبلغت سلام موافقتها النهائية على الاشتراك في الحكومة الجامعة، وأكدت له ان مجرد خرق مبدأ المداورة في توزيع الحقائب سيؤدي الى العودة بالمشاورات الى نقطة الصفر. وأكدت المصادر أن أبو فاعور أبلغ سلام موافقة جنبلاط على الاشتراك في حكومة جامعة حتى لو كانت بمن حضر، متمنياً عليه إجراء محاولة أخيرة مع «تكتل التغيير» لعله يعود عن شروطه، خصوصاً أن حصته في الحكومة تعتبر أكثر من وازنة، وهذا ما يتوافق عليه مع رئيس البرلمان نبيه بري. ولفتت الى ان الكرة الآن في مرمى عون، وهذا ما يعزز ضرورة التواصل معه، بعد أن أخفق «حزب الله» في وساطته وتعذر عليه اقناعه بالعدول عن شروطه. وقالت ان الإفادة من عامل الوقت ضرورية، ليس لأن هناك ما يشبه الإجماع اللبناني على قيام هذه الحكومة فحسب، لحسم الاستمرار في المراوحة القاتلة، وإنما لأن استمرار تصاعد التفجيرات الإرهابية بات يحتم على الجميع أن يتحملوا مسؤوليتهم لتوفير الأجواء السياسية الداعمة لدور القوى الأمنية في مواجهتها لقطع الطريق على إقحام لبنان في مزيد من الاحتقان المذهبي والطائفي، خصوصاً ان هذه التفجيرات كانت موضع تنديد وشجب من جميع المكونات السياسية في لبنان. ورأت ان المشاورات المثلثة الأطراف التي قادها سلام كانت ضرورية لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وبالتالي للوقوف على الرأي النهائي ل «حزب الله» و «أمل» من دعوتهما للاشتراك في حكومة جامعة حتى لو قرر عون الخروج منها. واعتبرت ان مشاورات اللحظة الأخيرة التي يجريها سلام تأتي على خلفية استعداده بدءاً من مساء اليوم وبالتشاور مع الرئيس سليمان لإعلان التشكيلة الوزارية الجامعة في ضوء استبعاد تأليف حكومة حيادية. وإذ توقعت المصادر وجود رغبة لدى الأطراف في «8 آذار» وتحديداً «تيار المردة» وحزب «الطاشناق»، بالاشتراك في الحكومة بمعزل عن القرار النهائي لعون، سألت في المقابل عما إذا كانا سيصمدان على موقفهما في حال ارتأى «حزب الله» ان يتضامن مع حليفه وفضّل الخروج من الحكومة؟ كما سألت هذه المصادر عن الموقف النهائي لرئيس البرلمان في حال بادر حليفه «حزب الله» الى التضامن السلبي مع عون، وهل يوافق على الاشتراك في الحكومة بدعم غير معلن من حليفه، خصوصاً أنه لن يكون في موقع يسبب له الإحراج مع «تكتل التغيير» أسوة بالحزب؟ واعتبرت ان الصورة النهائية للمشهد السياسي للحكومة العتيدة يفترض أن تتبلور في الساعات المقبلة ليكون سليمان وسلام على بينة من جميع المواقف قبل الإفراج عن التشكيلة الوزارية العتيدة. لكن المصادر نفسها تدعو الى التعامل مع الموقف النهائي ل «حزب الله» على أنه اختبار لصدقية ايران التي عبر عنها وزير خارجيتها محمد جواد ظريف في زيارته الأخيرة لبنان وفيها تأييده لقيام حكومة جامعة، وتعتبر ان تمثيل عون بحصة وزارية وازنة يؤدي الى حشر الحزب لأن حليفه لن يجدد الأسباب التبريرية لعزوفه عن المشاركة في هذه الحكومة التي ستلقى دعماً دولياً وإقليمياً أخذ يتطور مع ارتفاع منسوب الخطر الإرهابي على لبنان.