أثار انتقال بعض «اليوتيوبيين» من الإعلام الجديد إلى التقديم التلفزيوني، قلق بعض العاملين في الإعلام التقليدي، وخوفهم على المساحة الخاصة بهم والتي وصلوا إليها بشق الأنفس - كما يقول أحدهم - وإن كان مؤمناً بأن شهرة أولئك الآتين الجدد «مجرد فقاعة ستنتهي». واجتذب التلفزيون عدداً من نجوم «يوتيوب» على رغم اختلاف الإعلام التقليدي والجديد الذي يمتاز بغياب «حارس بوابة»، إلا أن المنضمين إلى التلفزيون سعداء بوضعهم الجديد، بل إن المجيء إلى التلفزيون كان من ضمن طموحهم، ويمثل نجم «keek» بدر آل زيدان نموذجاً لذلك. ويتفهم مذيع برنامج «التاسعة إلا ربع» على «يوتيوب» محمد بازيد القلق الذي ينتاب نجوم الإعلام التقليدي، ويعتبره «تخوفاً مشروعاً»، عازياً إياه إلى كون الحصول على فرصة فيه «صعب جداً»، وخصوصاً أن طريقة البحث عن مذيعين في التلفزيون تغيرت، وفق عميد كلية محمد بن راشد للإعلام في الجامعة الأميركية بدبي علي جابر الذي يقول: «لم تعد المؤسسات الإعلامية كالسابق تنتظر متقدمين لها وتجري مقابلات واختبارات، بل أصبحت تقدم عروضاً لبعضهم بعد البحث عن مواهب في الإعلام الجديد من خلال المقاطع الموضوعة على المواقع، فيتم تقويم الشخص بناء على مهارته في التقديم والمحتوى والمتابعين، ومن ثم يقدم إليه العرض». لكن الانتقال من الإعلام الجديد إلى التقليدي ليس بالأمر السهل، بسبب «انعدام التلاؤم» بين بيئتي الإعلاَميْن، واختلاف شروط العمل في كل منهما. وعندما ينتقل نجوم الإعلام الجديد إلى التلفزيون يقف أمامهم حاجز «حارس البوابة» مثلاً، كما يقول جابر الذي يلاحظ أن غالبية النجوم الذين لمعوا في الإعلام الجديد في الأساس من ذوي التجربة في الإعلام التقليدي. ويقول بازيد إن هؤلاء «هربوا إلى الإعلام الجديد لأن معوقات كثيرة واجهتهم، منها صعوبة السياسات في المؤسسات الإعلامية التي تقف حاجزاً أمام حرية المحتوى». ولعل من الصعوبات أيضاً عدم موائمة المحتوى «يوتيوب» مع التلفزيون، كما يشرح جابر: «من يلجأون إلى الإعلام الجديد من فئة الشباب الذين يمتلكون مواهب ومهارات وثقافات مختلفة، إضافة إلى فهم للتكنولوجيا الجديدة وإتقان للغات في شكل أسرع، وهو ما لا يتطلبه العمل في التلفزيون». ويلفت جابر إلى «تخصص الإعلام الجديد وعمومية التقليدي»، ما يعني بالنسبة إلى الآتين للإعلام التلفزيوني من الجديد، «استغناءهم عن محتواهم، والخوض في تجربة الإعلام العام والمقيد لأنه يخاطب كل فئات المجتمع». لكنه يضيف أن «باسم يوسف مثلاً كسر القاعدة بنجاح، وأحدث نقلة بين الإعلام الجديد والعام»، معتبراً ذلك «ظاهرة ستكرر حتماً». ويرفض جابر فكرة أن «شهرة نجوم الإعلام الجديد مجرد فقاعة، شرط أن تتغذى بالاستمرارية»، معتبراً أن «تغذية المحتوى هي الأساس، ومن دونها تختفي الشهرة مهما كانت الوسيلة الإعلامية»؛ فيما يرى بازيد أن «الحصول على الشهرة في يوتيوب سريع جداً، لكن يقابله فقدان أسرع»، مرجعاً ذلك إلى «كون الوسيلة متاحة ومجانية للجميع، وظهور شخصيات جديدة من خلالها سهل جداً، ما يؤثر في المنافسة، ويصبح التحدي مرتبطاً بجودة المحتوى، وهو ما يتحكم في مدى استمرارية الشهرة». وأمام هذه الشهرة التي يحققها نجوم «الإعلام الجديد» يواجه نجوم التلفزيون تحدياً «يتمثل في أن نجم الإعلام الجديد المنضم إليهم يمكنه جذب المشاهدين إلى برنامجه التلفزيوني عبر استخدام رصيده في الإعلام المفتوح»، كما يقول جابر الذي يعطي في السياق مثال الفنانة أحلام – حكم برنامج عرب آيدول – في «تواصلها الدائم قبل الحلقة بالتغريد بالصور من الأستوديو ومشاركتهم كواليس البرنامج». ويحذر جابر نجوم التلفزيون «في حال لم يسخِّروا الإعلام الجديد في صفهم، ولم يتوصلوا لفهم كيفية استعماله، من الانقراض»، معتبراً أنهم سيصبحون «خارج الزمن». ويشدد على ضرورة أن «يتخوف مذيعو ونجوم الإعلام العام ويرتابوا مما يحمله الإعلام الجديد من أشخاص ومهارات وتقنيات»، خصوصاً أن «مهمة البحث عن المواهب التي نريدها أن تظهر على التلفزيون أصبحت سهلة وأكثر ثقة».