أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيونس أن «فرنسا عازمة على ترجمة ما اتّفق عليه سابقاً من خلال عقد مؤتمر لأصدقاء لبنان في بداية شهر آذار (مارس) المقبل في باريس لدعم لبنان على تجاوز الصعوبات السياسية والاقتصادية الراهنة». وجدد فابيوس أمس خلال لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في مدينة ميونيخ الالمانية، على هامش مؤتمر «ميونيخ السنوي للأمن» الذي افتتح أعماله مساء أول من أمس، في حضور وزير الاقتصاد نقولا نحاس والسفير اللبناني لدى المانيا مصطفى اديب، تأكيد «دعم لبنان وقدرات الجيش وتعزيز امكاناته اللوجستية، خصوصاً ان الجيش مؤسسة تحظى بإجماع كل اللبنانيين»، معبراً عن «قلقه لاستمرار دورة العنف في سورية وعدم التوصل الى حل يوقف معاناة الشعب السوري». وأكد ميقاتي بحسب مكتبه الاعلامي، «حاجة لبنان إلى تضافر الجهود العربية والدولية لمساعدته في تحمل أعباء ملف النزوح السوري وتداعياته على الاقتصاد». وبحث ميقاتي مع الموفد الأممي الأخضر الابراهيمي في الجهود الرامية إلى «وقف العنف في سورية وانعكاسات الازمة السورية على لبنان ونتائج مؤتمر جنيف 2». والتقى نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر بوغدانوف. وكان ميقاتي علّق، وفق مكتبه الاعلامي، على المعلومات التي أشارت إلى «وضعه على لائحة الاغتيالات». وقال: «للاسف فإن كل الشعب اللبناني بات مهدداً بأمنه وبحياته اليومية وهذه نتيجة الأوضاع والظروف المحيطة بنا إضافة إلى أجواء الشحن الداخلي التي حذرنا مراراً من تداعياتها». وأضاف: «في كل الاحوال أقوم بما يرضي ضميري وواجبي الوطني، وأطلب من الله ان يرأف بهذا الوطن وأبنائه ويحميهم». خسائر غير مباشرة وكان ميقاتي أكد خلال مشاركته مساء أول من أمس في جلسة عمل عن الأزمة السورية ضمن فعاليات «مؤتمر ميونيخ السنوي للأمن» ضمّت الابراهيمي، وزيرة الخارجية الايطالية إيما بونينو، والمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيريس أن «أزمة النزوح انعكست بشكل سلبي جداً على الاقتصاد اللبناني، محدثة خسائر غير مباشرة بفعل الأزمة السورية»، لافتاً إلى أنها «أثرت وفق دراسة أعدها البنك الدولي على دخلنا القومي، وبلغت حوالى سبعة بلايين ونصف بليون دولار طوال الفترة الماضية». وشرح ميقاتي «الظروف التي حتمت على الحكومة اعتماد سياسة النأي بالنفس عن الاحداث في سورية، وأبرزها الواقع السياسي والجغرافي للعلاقات اللبنانية - السورية، وعلاقات لبنان مع دول الخليج، والإنقسام اللبناني الداخلي حيال مقاربة الأزمة السورية». وجدد ميقاتي مطالبة المجتمع الدولي، ب «تقديم المزيد من الدعم للنازحين السوريين، لكي نتمكن من الاستمرار بمهمتنا الانسانية، فنقدم للعالم مثالاً إنسانياً يحتذى به». أزمة متشعّبة الوجوه وقال ميقاتي: «وصلت أعداد النازحين السوريين إلى لبنان إلى حوالى مليون شخص، وأدى ذلك إلى خلل اجتماعي، من بينه ارتفاع في نسبة السرقات والجرائم وفي العام الماضي ازداد بشكل كبير عدد الولادات الجديدة لدى النازحين من دون أن تتوافر لهؤلاء ادنى مقومات الحياة، والاوراق الثبوتية أيضاً»، سائلاً: «ما الذي ننتظره في مثل حال هؤلاء سوى التطرف الذي ينمو عادة وسط بيئة فقيرة تفتقد الى العلم؟». ودعا المجتمع الدولي إلى «العمل الجاد لوقف اطلاق النار في سورية، وفرض هدنة على الارض الى حين التوصل الى حل نهائي»، معرباً عن اعتقاده ان ذلك «سيستغرق وقتاً طويلاً للاسف». وقال عن رؤيته للحل في سورية: «بحسب تجربتنا المريرة طوال سنوات الحرب اللبنانية، فإن الحل يأخذ وقتاً، ولا يحصل بين ليلة وضحاها». ورأى أن «الأزمة السورية متشعّبة الوجوه، هناك بالدرجة الأولى حرب مصالح بين الدول الكبرى، ثم صراع نفوذ بين دول المنطقة للاستئثار بالقرار السوري، ومن ثم حرب بين أبناء الشعب السوري أنفسهم». وزاد: «عقد اجتماع جنيف-2 بين طرفي النزاع المحليين في سورية عمل ايجابي، لكنه لن يفضي الى حل نهائي، لأن الحل الحقيقي يبدأ من الأعلى إلى الأسفل، وهذا الامر لم يحصل، لأن التسوية لم تتم بعد على مجمل ملفات هذا النزاع وتشعباته». وقال: «منذ انعقاد جنيف-2، قتل حوالى 1600 شخص في سورية». ورأى أن «الإطار الأشمل للحل يرتبط أولاً بتوافق الدول الكبرى، وثانياً بتفاهم القوى الاقليمية تمهيداً لبدء الحوار الممكن، والفعلي بين أبناء الشعب السوري كتحصيل حاصل».