قُتل عدد من مقاتلي قوات الرئيس بشار الأسد في هجمات متفرقة شنها مقاتلو المعارضة في شمال سورية ووسطها يوم أمس، في وقت أطلق الجيش التركي النار على قافلة آليات تعود لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) المقرب من تنظيم «القاعدة» في شمال سورية. وأوضح الجيش التركي في بيان نشرته وسائل الإعلام التركية مساء أول أمس أنه «تم تدمير بيك-آب وشاحنة وحافلة تابعة لتنظيم داعش». وجرت هذه العملية بعد «أن تعرضت سيارتان للجيش التركي لإطلاق نار عند مركز كوبان بيك الحدودي» شرق مدينة كيليس التركية الحدودية (جنوب)، كما أوضحت هيئة الأركان. ولم يسفر هذا الحادث عن سقوط ضحايا في الجانب التركي، كما ذكرت من جهتها وسائل إعلام تركية عدة نقلاً عن مصادر عسكرية. وهذا الحادث المسلح هو الأول الذي يتواجه فيه الجيش التركي ومقاتلون من تنظيم «داعش» الذين يقاتلون منذ بداية كانون الثاني (يناير) مجموعات أخرى معارضة للنظام السوري في شمال البلاد. وقصف الجيش التركي مراراً شمال الأراضي السورية في نهاية 2012 رداً على إطلاق قذائف من سورية على قرى تركية. وفي حلب، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن مقاتلي «الكتائب المقاتلة استهدفوا بقذائف الهاون مبنى المطحنة قرب مطار النيرب العسكري الذي تتمركز به القوات النظامية وأنباء عن قتلى وجرحى في صفوف القوات النظامية. كما فجر مقاتلون من جبهة الصادقين الإسلامية مبنى تتحصن به القوات النظامية في حي كرم الطراب ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 6 من عناصر القوات النظامية، ترافق مع اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة في محيط مطار النيرب العسكري». وأضاف: «وردت معلومات عن مقتل 10 عناصر من القوات النظامية في قرية حقلا بريف بلدة خناصر (شرق حلب)، ذلك اثر تفجير مبنى كانوا يتحصنون به» ليل أول من أمس. وفي وسط البلاد، قال «المرصد» إن اشتباكات عنيفة دارت «بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة ومقاتلي جبهة النصرة وعدة كتائب إسلامية مقاتلة من جهة أخرى في منطقة تلال العبودية ومنطقة برغلان الغربية والشرقية في ريف مدينة القصير وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين وقتل ما لا يقل عن 16 من القوات النظامية اثر هجوم نفذه مقاتلون من الكتائب الإسلامية المقاتلة فجر اليوم (أمس) على حاجز للقوات النظامية قرب قرية عمار الحصن في ريف حمص الغربي». وأشار إلى أن «القوات النظامية قصفت بصاروخ أرض - أرض مناطق في قرية الزارة وسط اشتباكات عنيفة في محيط القرية التي يقطنها مواطنون من التركمان السنة». إلى ذلك، قال شهود عيان إن قوات الأسد حاصرت بعض مقاتلي المعارضة قرب قلعة الحصن الصليبية التي لحقت بها أضرار بالفعل في الحرب والمدرجة على قائمة منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) لمواقع التراث العالمي. وأصيبت القلعة التي تقع على تل في وسط سورية بعدة قذائف مورتر العام الماضي، حين اختبأ بعض مقاتلي المعارضة من بلدة الحصن الواقعة تحت سفح التل وراء جدرانها الحجرية السميكة التي صممت للمعارك قبل مئات السنين. وهدأ العنف في المنطقة حتى هذا الأسبوع. ودمر الصراع السوري المستمر منذ نحو ثلاثة أعوام أحياء كاملة في المدن وكثيراً من المواقع الأثرية ومن بينها سوق حلب المغطاة التي يرجع تاريخها للعصور الوسطى والجامع الأموي في حلب. وهددت أعمال النهب القبور في بلدة تدمر الأثرية الصحراوية ولحقت أضرار بمعابد رومانية. وقال أحد سكان بلدة الزارة، طالباً عدم ذكر اسمه، إن البلدة التي لا تبعد كثيراً عن الحصن تعرضت لقصف بالصواريخ والمدفعية والدبابات. وأضاف أن طائرات حربية قصفت المنطقة الواقعة بين الزارة والحصن في وقت لاحق مستهدفة مقاتلي المعارضة هناك. وعلى رغم اقتراب القتال من قلعة الحصن، لم تتعرض للإصابة في الهجوم الذي شنته القوات الموالية للحكومة التي تحاصر بلدة الحصن واستمر يومين. وقال مقاتل من «قوات الدفاع الوطني» وهي ميليشيا موالية للأسد إن الهجوم يهدف إلى تأمين خط لأنابيب الغاز يمتد عبر الزارة وهاجمه مقاتلو المعارضة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي لتعطيل الإمدادات. لكن آخرين في المنطقة ربطوا بين القتال ونزاع بين قرى في محافظة حمص المختلطة طائفياً حيث زاد التوتر بسبب المنحى الطائفي المتزايد للصراع بين الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد ومقاتلي المعارضة ومعظمهم سنة. وأغلب سكان الزارة والحصن سنة، لكن القرى المحيطة تنتمي إلى الأقلية المسيحية التي تمثل عشرة في المئة من سكان سورية. ويشعر المسيحيون بصفة عامة بالقلق من صعود الإسلاميين المتشددين بين مقاتلي المعارضة على رغم أن بعضهم يقاتل ضد الأسد. وقال سكان إن مسلحين ملثمين من الحصن قطعوا رأس شاب من قرية مرمريتا المسيحية القريبة هذا الشهر. وبعد بضعة أيام قتل رجال ميليشيا موالية للحكومة من مرمريتا رجلاً من الحصن وجروا جثته على الأرض بسيارة عبر قرى مسيحية. وذكر بعض السكان أن تبادل الهجمات بين السنة والمسيحيين على مدى أسبوعين أدى إلى الهجوم الذي دعمه الجيش في المنطقة هذا الأسبوع.