علمت «الحياة» أن أكثر من 1200 مشروع أوقفت في السعودية خلال السنتين الماضيتين، بسبب عدم حصول مكاتب هندسية على شهادات الاعتماد، ما أجبر شركات مقاولات على البحث عن بدائل من المكاتب المعتمدة. فيما أكد مستثمرون أن عدد هذه المكاتب «لا يغطي حجم طلبات السوق»، وأن شركات مقاولات اضطرت إلى وقف مشاريع بناء وتعمير (سكنية واستثمارية)، بعد قرار الهيئة السعودية للمهندسين بعدم اعتماد أي مشروع قبل حصول المكتب الهندسي على شهادة اعتماد. ونسّقت هيئة المهندسين مع أمانات المناطق بالمملكة في شأن عدم اعتماد المشاريع ومخططاتها في حال عدم توافر شهادة الاعتماد. وكانت الهيئة دعت جميع الجهات الهندسية في القطاعين العام والخاص والمواطنين إلى «عدم قبول أي أعمال هندسية إلا ممن اعتمدوا مهنياً من الهيئة السعودية للمهندسين، وذلك للإسهام في الارتقاء بالقطاع الهندسي في المملكة، وحماية المنشآت والمكتسبات الوطنية». وتتضمن مهمات هيئة المهندسين السعوديين تنظيم ممارسة العمل المهني الهندسي في المملكة، وتأهيل المهندسين، ومنحهم الدرجات المهنية بحسب المؤهلات والكفاءات المهنية. وقامت أخيراً بإيقاف مجموعة كبيرة ممن انتحلوا مهنة «المهندس» من غير المهندسين، سواءً بشهادات لا تحقق الحد الأدنى من متطلبات الهندسة، أم بشهادات «وهمية» أو «مزورة»، وتجاوز ما ضُبط من هذا النوع 30 ألف شهادة بحسب الهيئة. وقال المستثمر حمد الدوسري في حديثه إلى «الحياة»: «هناك مشاريع إنشائية بالجملة متوقفة بسبب قلة العمالة وحملة التفتيش، إضافة إلى سحب تراخيص المشاريع من الأمانات والبلديات لعدم اعتمادها من مكتب هندسي معتمد من هيئة المهندسين، ما عرقل تنفيذ عدد من المشاريع في الجانبين السكني والاستثماري»، مضيفاً أنه «يوجد شح عمالة في سوق المقاولات، كما تعاني شحاً أكثر قسوة في المكاتب الهندسية الحاصلة على اعتماد هندسي». وأكد الدوسري ضرورة «أن يكون في كل شركة مقاولات أو شركة هندسة مهندس معتمد توقيعه من الهيئة والأمانة. وأيضاً لا بد من إخضاع المهندس الذي يمارس هذه المهمة لاختبارات ومقابلات شخصية للحصول على الاعتماد». وأضاف: «نتطلع إلى إيجاد حلول أكثر مرونة مع كبار المستثمرين، لا سيما أن السوق تشهد نشاطاً ملحوظاً». من جهتها، أوضحت المستثمرة في مجال المقاولات نورة اليافعي في حديثها إلى «الحياة» أن «المهندسين الذي يعملون في مكاتب هندسية ونتعامل معهم معتمدون من دولهم، وبشهادات علمية غير مزورة، إلا أن هناك مشكلة اعتماد المهندسين في المكاتب، فغالبيتها غير معتمدة من الهيئة. وهذا الأمر أدى إلى حدوث فوضى في العمل. كما أن الأمانات لا تتعاون مع شركات المقاولات في حال عدم وجود الاعتماد الهندسي، وترفض اعتماد مخططاتها أو منحها تراخيص تتعلق بتلك المخططات». يذكر أن وزارة الداخلية ربطت إصدار وتجديد إقامات الوافدين من المهندسين بالتسجيل المهني. ويسهم هذا الربط في «تنظيم ممارسة العمل المهني الهندسي، وتأهيل المهندسين، ومنحهم الدرجات المهنية بحسب المؤهلات والكفاءات المهنية»، بحسب الهيئة السعودية للمهندسين. وكانت الهيئة السعودية للمهندسين أكدت وجود مكاتب متخصصة بالاستشارات الهندسية تعمل في السوق المحلية من دون تصريح رسمي من الجهات المعنية والمخولة بإصدار التصاريح الخاصة للشركات، مشيرة إلى أن سعيها لاعتماد المهندسين بالشكل المهني وفق الشروط والضوابط الخاصة للهيئة أسهم في خروج أكثر من 30 ألف مهندس من السوق السعودية خلال الفترة الماضية، وذلك بعدما اكتشفت الهيئة وهمية شهاداتهم وعدم نظاميتها. يذكر أن عدد المهندسين المعتمدين لدى الهيئة بلغ 134231 مهندساً، فيما بلغ عدد الشهادات الهندسية المزورة التي اكتُشفت أكثر من 1300 شهادة مزورة ما بين مهندسين سعوديين وأجانب. فيما يتجاوز عدد المهندسين الذين لم يعتمدوا 40 ألف مهندس، وأن من عُدِّلت مهنهم من مهنة مهندس إلى مهن تناسب شهاداتهم التي حصلوا عليها بلغ أكثر من 28 ألفاً، وأسباب التعديل ترجع إلى أن الشهادات التي يحملونها لا تغطي الحد الأدنى من المتطلبات الأساسية لمهنة الهندسة في المملكة، وبذلك فهم لا يستحقون حمل لقب «مهندس»، كما أن عدداً منهم كان يحمل مهنة «نجار» و«سباك»، ونوعاً آخر لم يكمل الساعات الدراسية الهندسية الواجب تحقيقها والاكتفاء بمرحلة «الدبلوم».