على بعد 90 كيلومتراً جنوب مدينة جازان تتربع محافظة الحرث التي تشهد نشاطاً سياحياً متصاعداً لما تتمتع به من جو معتدل وأمطار وخضرة دائمة. تقع محافظة الحرث في أقصى الجنوب الشرقي لمنطقة جازان على الحدود اليمنية السعودية، وتقدر مساحتها بنحو 65 كيلومتراً طولاً و25 كيلومتراً عرضاً، ويربطها طريقان بمدينة جازان، أحدهما غربي عن طريق أحد المسارحة والآخر شمالي عن طريق العارضة أبي عريش. تختلف تضاريسها باختلاف طبيعتها، فمن سلاسل الجبال إلى أراض مسطحة وأشبه بالهضاب إلى الأودية والمنخفضات. ويعتبر مناخ المحافظة من أفضل الأجواء في المنطقة، إذ يسودها جو معتدل وتهطل أمطارها معظم فترات العام وتنخفض الحرارة كلما اتجهنا نحو المرتفعات الجبلية. تسكن الحرث قبائل عدة أهمها قبيلة الكعوب (آل كعبي) والشراحيلي والهزازة (آل هزازي)، والمجارشة (آل مجرشي) وقبيلة الحارثي التي سميت باسمها المحافظة، ويسكنون قرابة 240 قرية وهجرة تابعة للمحافظة وتتركز معظمها على ضفاف الأودية. تزخر المحافظة بمتنزهات كثيرة أبرزها «الخشل» الذي يقع شمال المحافظة ويعتبر من أفضل المتنزهات في المنطقة، إذ لم تتدخل في إنشائها يد البشر فالنخيل يصطف ليشكل جلسات طبيعية، إضافة إلى أن نبات النجيل نما وحده في وادي «الدحن» الذي يجري شمال المتنزه مقبلاً من اليمن، ما شكل مراعي للأبقار والأغنام والجمال. وأثناء جلوس الزائرين في هذه المتنزه يشاهدون طيور الحجل واليمام وبعض الطيور الجميلة. كما يوجد في المحافظة متنزهات عدة كالمعطن التي توجد بها عيون حارة أصبحت مقصداً للزوار للاستشفاء بمياهها، كما توجد بعض الأودية كوادي دهوان ووادي ذهبان ووادي تعشر التي تنمو على جنباتها الأشجار نتيجة جريان المياه الدائمة فيها. علي احمد حسن أحد المتنزهين على ضفاف وادي تعشر الواقع شمال سوق الخوبة أفاد بأنه يقضي معظم اجازته السنوية متنقلاً بين المتنزهات بمحافظة الحرث. وأضاف أنه تنقل كثيراً بين دول العالم، لكنه لم يجد طعماً للتنزه مثلما في بلده، لان الطبيعة بكر، مشيراً إلى أن متنزه الخشل يكون مكتظاً بالزوار ولا يجد موقعاً لكي يحط رحاله أحياناً. ويحرص محمد الكعبي على زيارة أهله في المحافظة: «لم ولن أجد أفضل من الحرث التي تربيت فيها، ولعبت على زخات المطر في طفولتي، وها أنا أحن لأعود واجد المطر ملازماً لمعشوقته الحرث». ويطالب بعض أهالي قرى المحافظة بمتابعة المواقع الجميلة من الجهات المختصة لتطويرها سياحياً. ويشتهر أهالي الحرث بالزراعة والرعي في المقام الأول، كما يعمل بعضهم في صناعة الفخار، وتعتبر الزراعة مصدر رزق جيداً خصوصاً أن المنطقة خصبة، وتكثر فيها زراعة الموز والمانجو والبابايا والسفرجل إضافة الى الحبوب بأنواعها والخضار. وتوجد في الحرث أسواق عدة أشهرها سوق الخوبة التي تعج بأنواع الحيوانات والطيور والزواحف، إضافة الى وجود كل ما يتخيله الشخص من أغراض تراثية وحديثة ويوجد في السوق عدد من النباتات العطرية الشهيرة مثل الكادي والبعيثران والفل البلدي والعزان التي تستقبل داخلي السوق بالروائح العطرية الزكية.