شرعت فرنسا في اعادة تنظيم قواتها العسكرية المنتشرة في منطقة الساحل جنوب الصحراء الكبرى حول اربعة محاور رئيسية من اجل تعزيز فعاليتها في محاربة الجماعات الجهادية الناشطة في هذه المنطقة المترامية الاطراف. وقد عرض وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان الجمعة في واشنطن هذه الاستراتيجية الجديدة على نظيره الاميركي تشاك هيغل لا سيما وان الشراكة مع الولاياتالمتحدة في افريقيا تعتبر "ضرورية للغاية". وقد سمحت عملية سرفال في مالي بتوجيه ضربات قاسية الى الجماعات الاسلامية المسلحة التي كانت تسيطر على شمال هذا البلد. لكن التدخل الفرنسي ادى ايضا الى انتشار الاف المقاتلين في منطقة الساحل خصوصا في جنوب ليبيا التي اصبحت "منطقة رمادية" خارجة عن اي سيطرة، ومركزا لكل انواع التهريب. ويعتبر لودريان ان اعادة تموضع القوات الفرنسية ستساعد خصوصا على "الوقاية غدا من خطر انتشار فوضى ليبية". ولفت مسؤول في وزارة الدفاع الى "ان خطر اعادة رص صفوف الجماعات الاسلامية قائم، حتى وان لم يكن ظاهرا بعد. يجب احتواء هذا الخطر ومواصلة ممارسة ضغط كاف لمنعه من التنامي". لذلك قررت باريس اعادة نشر قواتها قريبا في الاماكن التي تبدو فيها امكانية تدخلها الاكثر ترجيحا، اي خصوصا في شمال مالي وفي النيجروتشاد المجاورتين. وتفرض الاجراءات الجديدة ابقاء نحو ثلاثة الاف عنصر في المنطقة في وقت تقوم فيه فرنسا على عكس ذلك بتقليص عديد قواتها في مالي. ويتعلق الامر باعادة انتشار القوات حول اربعة محاور -غاو في مالي، نجامينا، نيامي وواغادوغو- من اجل مواجهة خطر اصبح اقليميا. لكن لا يفترض زيادة عدد الجنود في افريقيا بل سيعاد توزيعهم بشكل مختلف،خصوصا وان عملية سرفال بينت للقيادة حجم الصعوبات المتمثلة خصوصا باجتياز الاف الكيلومترات لنقل القوات والعتاد الى مسرح عمليات. وفي مالي من المفترض تخفيض عديد القوة الفرنسية الى نحو الف عنصر في خلال بضعة اشهر، كما يفترض ان تصبح غاو بمثابة مركز تواصل منه القوات عملياتها في شمال البلاد الى جانب الجيش المالي. وبحسب وزارة الدفاع فان القوات البرية المتمركزة في نجامينا (950 عنصرا) ستضطلع ايضا عند الحاجة بالدور نفسه في شمال تشاد. وستبقى معظم الوسائل الجوية الفرنسية (طائرات المطاردة رافال وميراج 2000 دي) متمركزة في العاصمة التشادية. اما نيامي حيث تربض طائرتان بدون طيار من طراز ريبر تم الحصول عليها مؤخرا من الولاياتالمتحدة، فستكون مركزا لوجستيا واستخباراتيا، فيما ستكون واغادوغو قاعدة للقوات الخاصة، الاولى التي ستتحرك في حال توجيه ضربة شديدة. ويضاف الى هذا الانتشار الرئيسي قواعد متقدمة اكثر الى الشمال يجري التفاوض بشأنها مع عواصم المنطقة. ويفترض ان تستقبل تيساليت في مالي على بعد نحو مئة كلم من الحدود الجزائرية، وفايا-لارجو في شمال تشاد قرب الحدود الليبية قوة صغيرة من عشرات العناصر. وقال مسؤول عسكري "يتعلق الامر بالنسبة لنا باعادة تموضع مخزونات لوجسيتة وقوة صغيرة". وستسمح مخزونات من الوقود او الذخيرة بتعزيز امكانية القوات الفرنسية على الرد حيث هناك حاجة. الى ذلك لن يطرأ اي تغيير على القوات الفرنسية المنتشرة في افريقيا الغربية عموما، وستبقى هي نفسها في السنغال (350 عنصرا) والغابون (940) وساحل العاج (450) يضاف اليها الجنود ال1600 المشاركين في عملية سانغاريس في افريقيا الوسطى. وستجري عملية اعادة الانتشار لمواجهة الخطر الجهادي "خلال مدة طويلة نسبيا"، وتعتمد باريس خصوصا على استمرار الدعم الاميركي في المجال المخابراتي. وقد ساعدت واشنطن باريس ايضا في مجال الامدادات والنقل الجوي في بداية عملية سرفال. وفي منطقة الساحل يتشاطر البلدان التحليل نفسه للخطر وترغب فرنسا في تطوير تعاونها مع واشنطن. وعلى هامش لقائه مع هيغل في البنتاغون تطرق جان ايف لودريان خصوصا الى تعزيز التعاون مع واشنطن "في المجال العملاني" ولكن ايضا تدريب الجيوش الافريقية. كما التقى الوزير الفرنسي مدير الاستخبارات الوطنية الاميركية جيمس كلابر.