تقوم السعودية بدور جدّي وفعّال بالبحث عن كل الطرق التي تزيد من جعل الاقتصاد السعودي متيناً وقوياً. ويعتبر الإنفاق على البنية التحتية أهم أداة تقوم بها الحكومة في الفترة الحالية من خلال الاستثمار في قطاعات مثل الاسكان والرعاية الصحية والاتصالات والمواصلات والتعليم وغيرها. والمتخصصون يعلمون أن الاستثمار الفعّال المبني على طرق حديثة، من شأنه أن يساعد في بناء نمو اقتصادي متين يتميز بالقوة والاستدامة من خلال خلق فرص عمل للمواطنين ورفع مستواهم المعيشي. يعتبر قطاع الاسكان من أهم قطاعات البنية التحتية التي وجب التركيز عليها بجديّة أكبر والاستثمار فيها، لما لهذا الاستثمار من دور كبير في رفع النمو الاقتصادي لأي اقتصاد في المستقبل القريب والطويل الأجل. وظهرت أخيراً آلية استحقاق توزيع الإسكان، بفضل الدور المتواصل الذي تبذله حكومتنا الرشيدة بدءاً بالتوجيه المشكور من صانع القرار الأول والراعي لمصلحة الشعب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز، وبتنفيذ وتخطيط من بعض الوزارات والجهات المعنية. لذا فإن برنامج دعم الاسكان مهم في الوقت الحالي ويجب التركيز عليه من أجل الحصول على الهدف الأسمى من الاستثمار العقاري في قطاع الاسكان. ويعتبر الاستثمار في مشاريع الاسكان مثابة العمود الفقري للاستثمار الحكومي ومن أهم المشاريع الحكومية التي سيكون لها عائدات اجتماعية واقتصادية في الوقت ذاته. لا شك في ان الدعم الحكومي لبرامج الاسكان أمر مهم أيضاً، لكبح معدلات التضخم التي أرخت ظلالها على أسعار العقارات سواء في الشراء أو الايجار، والتي فاقت مقدرة نسبة كبيرة من المواطنين. يضاف الى ذلك أن الاستثمار في قطاع الاسكان سيقوم بدوره في توفير الأمان والاستقرار الاجتماعي من خلال توفير المسكن الذي يعتبر الهاجس الأول للمواطن السعودي وأحد مصادر الأمن الذاتي له، كما سيكون داعماً كبيراً ومسانداً لخطط التعليم التي تقوم بها الحكومة داخلياً أو خارجياً (من طريق ارسال الطلاب للدراسة في الخارج) إذا ما تم استغلال هذا المشروع الضخم من خلال توظيف تلك الكوادر في هذا القطاع بعد انهاء برامجها التعليمية والمساعدة في تقليص نسبة البطالة. جرت العادة على أن الحكومات هي التي تقوم بمشاريع البنى التحتية. ولكن هناك دراسات أكدت أن إشراك القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال سيكون له مردود ايجابي كبير من خلال خلق دور تنافسي في سرعة الاتقان والجودة العالية وقلة الكلفة، ودفع القطاع الخاص الى القيام بأحدى مسؤولياته الرئيسية وهي توفير فرص العمل في السوق السعودي. كما لا نغفل النقطة الأهم في موضوع الاستثمار في قطاع الاسكان من خلال آليته الجديدة، وهي توافر عاملين اساسيين قبل البدء في هذا النوع من المشاريع: الشفافية، والإشراف والمراقبة الدقيقة. ويعتبر دور وزارة الاسكان في هذا المشروع أكبر من أن يكمن فقط في التخطيط والتنفيذ. ويجب أن تكون هناك شفافية كاملة في مشاريع الاسكان وتقويم دوري بإشراف لجان مشتركة ذات سلطة عليا، ووضع قوانين وأنظمة صارمة تحفظ حقوق كل من الحكومة والمواطن والمستثمر. أخيراً، لا مانع من الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة ذات الخبرات في مجال قطاع الاستثمار الإسكاني واستقطاب خبراتها التقنية. باحث ومحلل اقتصادي