تطورت ممتلكات الإنسان العصري التي يمكن أن تدخل في حيز الموروث بعد رحيله عن الدنيا، والتي نشأت بينه وبينها علاقة ودية أثناء حياته، ما يجعل لها قيمة اعتبارية معنوية ومادية لدى الورثة، ويعتبر البريد الإلكتروني الذي هو بمثابة العنوان على شبكة الإنترنت أحد الأشياء الأكثر قيمة بالنسبة للمتوفى. ولأن أساس الموروث لا بد أن يكون مملوكاً، والملكية تعني أن يكون هناك عقد مبرم بمقابل، أكد المحامي والمستشار القانوني إبراهيم زمزمي في حديثه إلى «الحياة» أنه «لا بد من التفريق بين حصول المستخدم على بريد إلكتروني بموجب عقد مدفوع القيمة، وبين كونه من شركة تقدم الخدمة لعامة الناس مجاناً، ولكن كلاهما مملوك معنوياً أو مادياً، ويمكن أن يُستدل بمحتوياته على مالكه»، وبيّن أن «حق الاسم المعنوي لا يقبل التبضيع في الورث، إذ لا بد أن يكون هناك تنازل أو اتفاق بين الورثة على هذا الاسم للبريد الإلكتروني، خصوصاً في حال كان البريد لشركة تجارية». وأضاف أنه في حال البريد الإلكتروني القائم على «علاقة عقدية» يتم تقدير قيمته المادية وبيعه ثم توزيع العائد المادي بين الورثة، أما في حال كان ذلك البريد مجانياً يُعتبر من «المقتنيات المعنوية التي يتنازلون عنها فيما بينهم بالاتفاق». والتي أيضاً ليس من حق المورّث أن يوصي لأحد أبنائه باقتنائه دون الآخرين، إذ «لا وصية لوارث حتى لو كان البريد الإلكتروني ذا قيمة معنوية فقط غير قائم على علاقة عقدية، لكن يستطيع أن يوصي لإدارته وليس لتملكه من هو الأجدر فالأقل منه». وعلى من يريد أن يرث أبناؤه بريده الإلكتروني فعليه أن ينتبه لشروط الشركة مقدمة الخدمة، خصوصاً شرط «تحديد مكان الاختصاص، أي تحديد القانون الواجب تطبيقه في حال حدث نزاع للحصول على حق من خلال قانون البلد الذي اخترته للتحاكم إليه، أو عند الوفاة ليسهل على الورثة الحصول على حق الدخول إليه»، منوهاً إلى أنه من الأفضل لمن يريد أن يمتلك بريداً إلكترونياً لكيان اعتباري مثل منشأة تجارية «أن يكون بريده بعلاقة عقدية أفضل له وللورثة، وكذلك المستخدمون الذين لديهم معلومات ذات قيمة»، مرجعاً ذلك إلى الأمان العالي الذي توفره تلك الشركات في مقابل الدفع المادي لها. وأشار زمزمي إلى أنه لم تسجل حتى الآن وصية لوارث عن «البريد الإلكتروني كأحد الممتلكات التي يريد أن يورثها لأبنائه حتى تلك التي تكون لمنشأة تجارية»، معللاً ذلك بحداثة الموضوع. وعبر عن أسفه لقلة وعي الناس بأهمية البريد الإلكتروني كجزء من الممتلكات التي تورث، لذلك ينسى الورثة غالباً «الخزانة المعنوية»، ناصحاً مستخدمي البريد الإلكتروني بعلاقة عقدية أن يضعوه ضمن مقدرات الإرث، أما إذا كان من أولئك الذين يستخدمون الخدمة مجاناً فبإمكانهم أن يرفقوها في وصيتهم، إذ إن القيمة المعنوية تطغى على المادية أحياناً.