سلّط عبور سفن حربية روسية القنال الإنكليزي (بحر المانش) واقترابها من المياه الإقليمية البريطانية أمس، الأضواء على التحركات العسكرية المكثفة لقوات موسكو في أوروبا بعد تفاقم أزمة أوكرانيا، وعرض روسيا «عضلاتها» في البحر والجو. لكن هذه الخطوة الروسية لم تفاجئ الحلف الأطلسي (ناتو) ودول المنطقة. وقالت القيادة العسكرية للحلف في أوروبا: «نعلم بوجود بوارج روسية تأخرت في عبور المانش بسبب سوء الأحوال الجوية، ولكنها لا تنفذ مناورات». أما البحرية الفرنسية، فقالت: «ليس هناك أي أمر غير عادي». وأوضحت قيادة أسطول الشمال الروسي، أن مجموعة السفن الحربية التي قطعت «المانش» ضمت قطعاً استراتيجية، بينها البارجة «سيفيرمورسك» وكاسحة الألغام «ألكسندر أوتراكوفسكي» والمدمرة «دوبنا»، إضافة إلى سفن إنقاذ وإنزال سريع، مشيرة إلى تنفيذ السفن «تدريبات مبرمجة مسبقاً»، بعضها على عمليات إنقاذ. وأوضحت قيادة الأسطول أن السفن تحركت من قواعدها قبل أسبوعين، أي في الموعد ذاته تقريباً الذي ظهرت فيه فجأة مجموعة سفن حربية روسية قرب شواطئ أستراليا لدى وصول الرئيس فلاديمير بوتين إليها للمشاركة في قمة العشرين، ما أغضب الأستراليين ودولاً غربية، قبل أن تعلن موسكو أنها أجرت «تدريبات روتينية». وتؤكد الإعلانات المتكررة عن تحركات القطع الحربية الروسية في أوروبا تكثيف النشاط العسكري لموسكو خلال الأشهر الأخيرة. وهو لم ينحصر في البحر بل امتد إلى الأجواء الأوروبية عبر طلعات نفذتها مقاتلات استراتيجية، ما دفع الحلف الأطلسي الى عمليات تدخل جوية لمواجهتها. وأكد الأميرال الأميركي جون كيربي أن طلعات المقاتلات الروسية «تفاقم التوتر، وتشكل خطراً محتملاً على سلامة الطيران المدني، خصوصاً أنها لا تتواصل مع السلطات الجوية المدنية». ولفت إلى أن بين الطائرات الروسية مقاتلات وقاذفات ذات مجال تحرك كبير، وطائرات إمداد. وأشار إلى أن عدد الطلعات الجوية الروسية تجاوز مئة هذه السنة، بزيادة ثلاثة أضعاف عن عددها العام الماضي. وكانت موسكو أحيت منتصف العقد الماضي تقليداً سوفياتياً بتنظيم «طلعات دورية» لقطع جوية وبحرية استراتيجية، لكن هذا النشاط لم يشهد تكثيفاً في المياه الإقليمية الأوروبية أو أجوائها. ورصدت البحرية البريطانية مطلع السنة تحرك قاذفات صواريخ روسية على مسافة 30 متراً من شواطئ إسكتلندا، ثم زادت موسكو حشد قواتها وأسلحتها الاستراتيجية قرب حدود أوروبا، خصوصاً نشر منظومات صاروخية متطورة في كاليننغراد. وبعد ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية في آذار (مارس) الماضي، حولت موسكو شبه الجزيرة الى قلعة عسكرية محصنة، وأرسلت أخيراً 14 مقاتلة حديثة بعدما زوّدت أسطولها هناك سفناً قادرة على حمل أسلحة نووية، كما نشرت صواريخ متطورة من طراز «إسكندر أم». وأعلنت موسكو أخيراً إعادة توزيع قواتها الاستراتيجية في القطاع العسكري المركزي الذي يشمل العاصمة ومدناً حيوية، علماً بأنها أجرت هذه السنة عشرات التجارب على إطلاق صواريخ عابرة للقارات، بعضها من غواصات نووية من أجل «تعزيز قوة الردع النووي». وأعلنت وزارة الدفاع زيادة الإنفاق العسكري في موازنة العام المقبل بمقدار الثلث، وصولاً إلى نحو 83 بليون دولار، ما يشكل نسبة 22 في المئة من الموازنة.