في بادرة تهدئة بعد سنوات من الخلافات حول الموازنة في واشنطن، صادق الكونغرس الأميركي على مشروع موازنة بقيمة 1.1 تريليون دولار، ما ساهم في تجنب شلل جديد في الإدارات الفيديرالية. وحصل المشروع أول من أمس على 72 صوتاً وعارضه 26، وهو يهدف إلى تمويل الحكومة الفيديرالية حتى أيلول (سبتمبر) المقبل، بعدما صوّت عليه مجلس النواب بغالبية كبيرة الأربعاء الماضي. وسيُرفع مشروع الموازنة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي من المُفترض أن يوقعه. وقالت المسؤولة عن لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ باربارا ميكالسكي: «لقد تأخرنا قليلاً لكن أنجزنا مهمتنا». وأيّد الأعضاء الديموقراطيون في مجلس الشيوخ مشروع الموازنة وكذلك 17 جمهورياً. وتشمل الموازنة إضافة إلى مبلغ 1.012 تريليون دولار، 92 بليوناً للعمليات العسكرية في الخارج، و6.5 بليون للمساعدات بعد الكوارث الطبيعية. واعتبرت المسؤولة عن شؤون الموازنة والإدارة في البيت الأبيض سيلفيا بارويل في بيان، أن تمرير مشروع الموازنة «خطوة إيجابية للأمة والاقتصاد». وأكد الجمهوريون أنهم كبحوا النفقات الفيديرالية للسنة الرابعة على التوالي، من خلال تجميد الأموال الجديدة لإصلاح أوباما نظامَ الضمان الصحي، وخفض المساعدة الخارجية واقتطاع أموال دائرة الضرائب والمواصلات. ورأى السيناتور الديموقراطي توم كاربر، أن التصويت سجل «خطوة جديدة صغيرة إلى الأمام»، بعد التسوية التي توصل إليها الجانبان الشهر الماضي لدى اتفاقهما على موازنة لعامين. وأمل في أن يثبت التصويت أن «الأزمات المفتعلة، مثل شلل الإدارات الفيديرالية كما حصل في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وكلّف اقتصادنا 20 بليون دولار، أصبحت من الماضي». ويُستبعد تكرار السيناريو في تشرين الأول المقبل قبل شهر من انتخابات منتصف ولاية أوباما في الكونغرس، بعدما أظهرت نتائج استطلاعات الرأي «تحميل الأميركيين مسؤولية شلل الإدارات الفيديرالية العام الماضي للجمهوريين أكثر من الديموقراطيين». وعلى رغم الحد من النفقات، يُتوقع ارتفاع النفقات الفيديرالية في شكل طفيف هذه السنة، لأن الاتفاق يلغي الاقتطاع في النفقات الذي يبدأ في الأول من كانون الثاني (يناير) للعامين المقبلين. وصوّت أعضاء من «حزب الشاي»، بينهم أعضاء مجلس الشيوخ ماركو روبيو وراند بول وتيد كروز ضد مشروع الموازنة، لأنه لا يخفض مبلغاً كافياً من الديون الأميركية. وأعلن روبيو أن هذا الاتفاق «يسمح لواشنطن بتوسيع نشاطاتها وزيادة ديونها لسنة أخرى، لكنه أسلوب سيئ لجعل الحلم الأميركي حقيقة لعدد أكبر من الأميركيين». لكن هذا التصويت في مجلسي الكونغرس وجه ضربة إلى «حزب الشاي» الذي عارض بشدة مشروع الموازنة، ونجح الجمهوريون في مجلس الشيوخ في إبعاد تهديد كروز بإحداث شلل جديد من خلال وقف الأموال عن إصلاح أوباما نظام الضمان الصحي. وقال السيناتور الجمهوري ريتشارد شيلبي لزملائه: «إن مشروع الموازنة أفضل بكثير من الخيار الآخر المتمثل بمواجهة وشلل جديدين للحكومة الفيديرالية، وخطوة كبرى تبعدنا أكثر من سير الأمور ضمن نظام محدد». وشكا كروز من أن المشرعين «لم يكن لديهم الوقت الكافي لقراءة مشروع الموازنة الذي نُشر مساء الإثنين الماضي». ولفت إلى أن «أي عضو في الكونغرس لم يقرأ مشروع الموازنة بالكامل، لكن لا أحتاج إلى ذلك لمعارضته». وبعد الانتهاء من هذه المرحلة، سيواجه أعضاء الكونغرس معضلة جديدة تتمثل في الحاجة إلى رفع سقف الدين الأميركي. وأوضح وزير الخزانة جاكوب لو، أن «صناديق سلطة الاقتراض تفرغ في السابع من شباط (فبراير)، وعندها يجب على الكونغرس التحرك». وأكد رئيس مجلس النواب، الجمهوري جون باينر، عدم استعداده لمعركة أخرى في فترة زمنية قصيرة، وقالك «ما أعرفه هو ضرورة ألا نتخلف عن التسديد ولا حتى الاقتراب من هذا الأمر».