الأخضر السعودي يدشن مشاركته بالفوز على الأردن في كأس آسيا تحت 20 عاماً    بتوجيه من ولي العهد.. استحداث إدارة عامة للأمن المجتمعي ومكافحة جرائم الإتجار بالأشخاص ترتبط بالأمن العام    روسيا: استضافة الرياض للقمة التي ستجمع بوتين وترمب مناسبة للطرفين    صافرة مكسيكية تضبط "كلاسيكو" الأهلي والنصر .. وفنزويلية للشباب والقادسية    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على مناطق المملكة حتى الإثنين القادم    الواصل: إطلاق أكثر من 23 مبادرة من بينها معارض الكتاب    المشهورة إيلاف الزهراني: دجال أوهمني بأن داخلي جنياً    بريطانيا تعلن تخفيف القيود الاقتصادية على سورية    الرئيس اللبناني: نتابع الاتصالات لإلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب    مدير الأمن العام يدشن مركز المراقبة الميداني بالإدارة العامة لدوريات الأمن    المملكة تدين تفجيري قندوز وكابل الإرهابيين    أكثر من 949 مليار ريال الودائع الادخارية والزمنية بنهاية عام 2024م لتبلغ قمّتها    سعود بن نهار يطلع على أعمال فريق تهيئة وسط البلد    شراكة استراتيجية بين مجموعة فقيه للرعاية الصحية وهيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار لدعم الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية    تعليم جدة يدشن معرض «التوعية بالأمن السيبراني»    الإبراهيم: تريليون دولار احتياج البنية التحتية في 10 سنوات    "رمز أحمر" ب"مركزي القطيف" يخلي 10 أقسام والدفاع المدني يسيطر على الحريق    "هيئة النقل" تحصل على شهادة اعتماد البنية المؤسسية الوطنية    مدير عام تعليم مكة يدشّن المعرض الفني واحتفالية يوم التأسيس    رئيس الوزراء المصري: نبذل جهوداً لتنفيذ بنود وقف إطلاق النار في غزة    المالية وصندوق النقد الدولي يستعدان لإطلاق مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة    الهيئة الملكية لمدينة الرياض تطلق مشروع «الحي الإبداعي»    الجدعان: التفتت الاقتصادي يتطلب حلولاً جماعية    على حلبة كورنيش جدة.. غدًا انطلاق جولتي بطولة "إيه بي بي فورمولا إي" للمرة السابعة في المملكة    إحتفال قسم ذوي الإعاقة بتعليم عسير بيوم التأسيس السعودي    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية "إطعام"    تدشين الأعمال التطوعية في المسجد الحرام    انطلاق مؤتمر القصيم السابع للسكري والغدد الصماء بمشاركة نخبة من الخبراء    أمير نجران يُكرِّم مدير فرع المجاهدين بالمنطقة سابقًا    وزير الثقافة يلتقي وزيرة الفنون والثقافة والاقتصاد الإبداعي النيجيرية    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة جمعية "إطعام"    جامعة الإمام عبد الرحمن تطلق المرحلة الثانية من استراتيجية البحث العلمي والابتكار    تعليم مكة يدشن الأعمال التطوعية في المسجد الحرام    برنامج "أمل" السعودي في سوريا.. ملحمة إنسانية ونبض حياة    نائب أمير مكة يشهد تخريج 19,712 طالباً وطالبة في جامعة المؤسس    4 حالات لاسترداد قيمة حجز حجاج الداخل    منطلق حوار للحد من تفشي الطلاق    سعود بن خالد رجل من كِرَام الأسلاف    الحلم النبيل.. استمرار للمشروع السعودي    السعودية" أرجوان عمار" تتوج برالي أبوظبي باها 2025    5 خرافات عن العلاج بالإشعاع    رئيس وزراء باكستان: المملكة صديق موثوق.. ندعم سيادتها وسلامة أراضيها    تحقيق أممي في وفاة موظف محتجز لدى الحوثيين    نادية العتيبي سعيدة بالتكريم    "تعليم شرق الدمام" يحتفي بالفائزين في تحدي القراءة    أمير الرياض يكرم الفائزين في أولمبياد الإبداع العلمي    صالح الجاسر: 240 مليار ريال بقطاع النقل و «اللوجستية»    صلاح يتألق وإيفرتون يفسد فرحة ليفربول بهدف درامي في الوقت القاتل    في ملحق يوروبا ليغ.. بورتو وروما الأبرز.. وألكمار يستضيف غلطة سراي    إعلاميو "الأوفياء" يطمئنون على الحداد    أمريكية تعتصم أمام منزل خطيبها الباكستاني    والدة إلياس في ذمة الله    آل الفريدي وآل أبو الحسن يتلقون التعازي في فقيدهم " إبراهيم "    دوري روشن بين السيتي والريال!!    إعلام الماضي ورياضة المستقبل    المدينة والجرس: هنا لندن أو هناك أو... في كل مكان!    تعب التعب    مملكة الأمن والأمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة السورية لن تنتهي بسقوط النظام

لا مشاحة في القول أن الطرح الذي يقول: «إن سقوط الديكتاتوريات العربية سينهي أزمات تلك الدول، وسيعيش الناس بعدها بأمان ورخاء وسعادة» طرح مجانب للصواب. إذ إن الشعوب العربية التي أسقطت أنظمتها ما تزال تعاني من فوضى أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة. وإذا قارنا سورية بتلك الدول فإن وضعها السيسيولوجي والإثني والاجتماعي والديني والمذهبي والقومي والثقافي والتاريخي، هو أشد تعقيداً وتشابكاً من أوضاع تلك الدول.
إذ يتصارع على أرضها جلّ الأطياف الدينية والعقدية والمذهبية والقومية والسياسية، ابتداء من البعثية والشيوعية والعلمانية. مروراً بالشيعية والنصيرية والكردية، ووصولاً إلى «الإخونجية» و«الداعشية»، و«النصراوية». رايات سوداء وبيضاء وصفراء بعضها يتصارع برسم رايتي الثورة والنظام الملونتين. غير واحد من الفرقاء يقول: «نحن أسياد الأرض». صراع تبادلي التدمير. هذا كله بخلاف الصراع الدولي والإقليمي من وراء ستار.
في غضون ذلك، يهتبل نيرون بن نيرون العصر الفرصة ليفرغ الأرض من نصف سكانها ودساكرها، إما قتلاً أو تشريداً خارج الحدود. بلد مفاتيحه مستباحة، عصفت فيه تيارات عفاريت الشرق والغرب بطرائق قدداً. وشعب لم يعد ينفع معه علم السوسيولوجي. استنقاع حال الحرب راق للغرب، ويستبطن الغرب نزعة ذرائعية ترمي إلى إسباغ وإصباغ صيغة جديدة للفوضى الخلاقة، عقد رضائي بينه وبين روسيا وإيران ابتداء، فتطفق الأخيرة إلى استجلاب واستدعاء شيعتها إلى الداخل حسوماً، ليخوضوا مع الخائضين، ومنهم طليق الفنانة المشهورة صاحب صورايخ حيفا، ومنهم من كان يبيع المسابح على باب مقام السيدة زينب،
تشظت المعارضة الخارجية إلى مئات الآيديولوجيات والعقائد والأفكار، كل لا يقبل إلا بمنصب الزعيم. رحم الله الرئيس السوري شكري القوتلي، إذ قال للرئيس جمال عبد الناصر في عيد الوحدة بين البلدين، حين ربت على كتفه مهنئاً له برئاسة البلدين: «لا أحسدك على هذه الوقعة، فقد توليت أمور شعب كله زعماء».
معارضة بورا تظن أن السياسة رطانة لغتين فحسب، باخعون أنفسهم على الكراسي. الأسبوع الماضي اجتمعوا في عاصمة الدولة العثمانية الأولى، وفي عاصمة الدولة الأموية الثانية مؤتمرات، كان من نتائجها تشاحن وتراشق وتنابذ، فهم لا يملكون من الأمر شيئاً إلا صفع بعضهم في تلك المؤتمرات، فهم في أمر مريج.
اصطفاف وتعصب وتناقض وإحباط وتخبط واتهام وتشكيك وتخوين وتحريض واحتراب بين الإخوة. سامدون عن التقهقر والانكفاء العسكري أمام العدو المشترك. في ظل هذا التجاذب يُعلن عن إقامة دويلات وإمارات في الشمال والشرق، وأرهاط بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان تعيش على الخطف والأتاوات، وفئام منهم قبضت بالدولار، وخرجت من الساحة، سلبيات يطول سردها، وصلت الأمور إلى حال مستنقعية مثيرة للحيرة.
ولا غرو أن كلاً يدعي أن منهجه هو الأصوب والأمثل والأصلح والأجدى والأنجع أسلوباً، كل تيار يظن أن خطابه أنموذج يحتذى به، وأنه أقوم قيلاً، وأنضج تفكيراً، وأعمق رؤية، وأبعد نظراً. نقاش طوباوي منفصل عن الواقع وسجال مبتذل ومناكفة ومماحكة. وجدل صفصطائي يأخذ حيّزاً لا يحاكي ما يجري في الداخل من الاحتراب العقدي والمذهبي، خلاصته هل الاحتراب استكمال للسياسة أم السياسة استكمال للاحتراب؟ على أن ذلك لا يغيب عن أذهاننا أن هذا الصراع هو نتيجة تراكمات نصف قرن من حكم «إثنوقراطي» مخادع برسم القومية، وما يحصل الآن يمكن تسميته بأنه تجربة سياسية طفولية، ولا يخلو غالبهم من مرض «البارانويا».
إن أفول المعطى السياسي هو الذي شكل أرضية مشتركة لآيديولجيات من خارج الأسوار، وبات واضحاً أن هناك دولاً تمارس «الشوفينية» و«الميكافيلية» تسعى إلى شق وتشظي الصفوف. فالدول الغربية تضغط باتجاه دعم العلمانيين من دون الالتفات إلى ما سيحصل بعد سقوط النظام من احتراب، تدعمه مظلة «البروباغندا» الإعلامية بأن «الدين لله والوطن للجميع». من حيث المبدأ والمفهوم الواقعي «البراغماتي» الصدام بين ذينك التيارين لن تنحل عقدته بالأمر السهل، لأن «الديالكتيكية» حفرت أخدوداً عميقاً بينهما برعاية غربية بمفهوم «الإسلامفوبيا». و«دوغمائية» بغيضة تمارسها طبقة «إنتلجنسيا» الفضائيات.
الأسبوع الماضي كان من اللافت إصرار إيران على حضور مؤتمر مونترو، طرفاً حيادياً أو مراقباً، على رغم ولوجها في ذبح أهل السنّة في سورية. يمكن تفسير إصرارها أن همها الرابط اللوجستي قبل العقدي، وتنطلق من فرضية «ميكافيلية»، الملمح الأهم في هدفها ألا تنقطع سلسلة الهلال.
المعضلة أن روسيا أكدت ضلوعها في مؤامرة «جنيف1»، بسبب إصرارها على حضور إيران إلى مونترو - من وراء الكواليس - الجولات الماراثونية التي ستتم بين المعارضة والنظام.
الحقيقة المسألة لم تعد تنحصر بمصير الشعب السوري، فإرهاصات المؤامرات تتضح حين تداخلت أهداف مفاوضات مونترو في البعد «الزمكاني»، ووراء الأكمة ما وراءها، تنطوي على مؤامرة لجهة مقترنة بحصة الحاضرين من الكعكة، لتصب في الآخر في مصلحة النظام وشيعته. لا نتيجة مرتجاة. البيتان الأبيض والأحمر ثنائي النقيض، ديدنهما الكذب والنفاق، السمة الأساسية لهما فرض الهيمنة، والتأطير لاجتثاث كل ما هو إسلامي، يتعللون بأن هناك قضايا شائكة، موقف تبريري وذارئعي يتمحور في أن من يقاتل النظام هم أتباع «بن لادن». واقع يراد منه باطل، شيوع هذا الطرح له دلالات، ليظل الشعب رهينة الخوف من الإسلام. يقولون: مفاصلة سياسية على بيدر السلطة، وتدوير الزوايا، عبارات استفزازية واستعراضية، ومواقف عبثية، وسعي إلى الحؤول من دون إسقاط النظام، والأنكى من ذلك كله حشر الكثير من الأسماء التي ستفاوض في «مونترو» على أنها معارضة للسلطة. وفي الحقيقة، تلك الأسماء لم تخرج من عباءة النظام، تمكن الغرب من الضغط على الائتلاف لقبول مثل هؤلاء بذريعة أنه لا مناص ولا فكاك من جهة وسيطة للمرحلة الانتقالية.
ولنكن شفافيين، فإن التيارين الديني والعلماني كليهما رهينا لجهات خارجية، ولم يخرجا من عباءتها، امتطيا خيول قوافل الشرق والغرب. بينهما خصام وفصام وخلافات متجذرة في الإفهام، بل إن اتساع الفجوة بينهما يشي بأن الخلاف المكين بين العقائد والآيديولوجيات بعد سقوط الأسد، لن يكون أقل من قعقعة السلاح، والكثير من الحيثيات والاستدلالات تومئ إلى ذلك.
* باحث في الشؤون الإسلامية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.