لا يُستبعد تراجع نمو الناتج المحلي الصيني خلال العام الحالي، لكن في المقابل ستكون الأخطار أقل والنمو أكثر استقراراً على المدى الطويل. وسجل الاقتصاد الصيني نمواً بلغ 7.8 في المئة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الماضي، مرتفعاً من 7.5 في المئة في الربع الثاني. وتُعتبر وتيرة هذا الارتفاع «الأسرع الذي حققته الصين العام الماضي». ولم يكن لأي من قطاعي الاستهلاك أو التصدير النامي دور في دفع هذا النمو للناتج، استناداً إلى مؤشر مديري المشتريات الرسمي للصين في تقرير يعدّه المحلل الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» المتخصصة بالاستثمار في الأسواق الآسيوية الناشئة كميل عقاد، بل جاء «أساساً من الاستثمارات التي باتت الداعم الأساس للنمو في الربعين الأخيرين، بعدما كان الاستهلاك الدافع منذ إعادة توازن الاقتصاد عام 2011». واعتبر التقرير أن الاستثمار في العقار والبنية التحتية «دفع هذا التعافي غير الصحي الذي يزيد بدوره الطاقة الاستيعابية المفرطة في بعض الصناعات ويزيد أيضاً الأخطار المالية، ما بات سبباً رئيساً في أن يكون هذا التعافي موقتاً للصين». وأشار إلى أن الاقتصاد الصيني «بدأ يخسر زخمه فعلاً، إذ على رغم تحسّن قطاعي الصناعة والخدمات في الربع الثالث من العام الماضي وفي الشهر الأول من الفصل الأخير، تباطأ توسعهما منذ ذلك الحين بانخفاض مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي من 51.4 نقطة في تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 51 نقطة في كانون الأول (ديسمبر)». وتدل قراءة لمؤشر يتعدى سقف الخمسين على توسّع، وأقلّ منه على الانكماش. ونقل التقرير توقعات لمحللين اقتصاديين تقدّر المؤشر ب 51.2 نقطة في كانون الأول، لكن انخفاضه الأكبر جاء على مستوى كل مكوناته باستثناء أسعار المدخلات التي تدل على احتمال أن «ترتفع كلفة الإنتاج أكثر على المدى القريب». وجاء الانخفاض في الإنتاج والطلبات (على المستويين المحلي والخارجي) وفي توقعات الأعمال وآفاق التوظيف، حتى أن مكونات كثيرة لمؤشر مديري المشتريات بدأت بالانكماش. ويشير المستوى غير المشجع للمؤشر إلى أن حجم الإنتاج الصناعي «سيحافظ على مستوى معتدل، فيما كان تراجع قطاع الخدمات أخيراً أكثر حدة، علماً أنه نما أسرع من القطاع الصناعي». وبذلك لفت التقرير إلى أن مؤشر مديري المشتريات الرسمي غير الصناعي «انخفض من 56 نقطة إلى 54.6 نقطة في كانون الأول»، ليظهر أن قطاع التجزئة «سيسجل مزيداً من التباطؤ. ويكون مؤشر الخدمات عادة أعلى من المؤشر الصناعي». وعلى رغم ذلك «أبرز مؤشر بنك إتش أس بي سي الصادر تزامناً مع المؤشر الرسمي، «انخفاضاً حاداً من 52.5 نقطة إلى 50.9 ليؤكد تباطؤ قطاع الخدمات». ويظهر مستوى مؤشر مديري المشتريات للربع الأخير من العام الماضي، «تباطؤ الناتج المحلي الصيني». وتشير البيئة الحالية في الصين إلى أن «سياسة الدولة المتبعة العام الماضي لن تُعاد بالحجم ذاته هذه السنة، ما يعني أن الحكومة مستعدة لتحقيق مستوى نمو أدنى للناتج المحلي في مقابل تحقيق نمو مستدام». وأعلنت الحكومة الصينية ذلك نهاية العام الماضي، واقترحت إصلاحات مثل تحرير معدل الفائدة وتنظيم قواعد الائتمان في المؤسسات التمويلية المحلية المتوقع بدء تنفيذها. لكن هذه العملية تمتد على المدى الطويل، لذا ستحصل التغييرات تدريجاً. ومع كل هذه المعطيات، يُتوقع تراجع معدل نمو الناتج المحلي الصيني هذه السنة، وفي المقابل ستكون الأخطار أقل والنمو أكثر استقراراً على المدى الطويل».