يُظهر الاقتصاد الصيني علامات تحسن وتعافٍ بعد أن كان في تباطؤ استمر ستة أشهر، ويُتوقع أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي مجدداً في الربع الثالث من هذه السنة، ويظهر مؤشر مديري المشتريات أن القطاع الصناعي وغير الصناعي شهدا تحسناً عن الربع الثاني. وارتفع مؤشر مديري المشتريات ارتفاعاً بسيطاً من 51 في آب (أغسطس) إلى 51.1 في أيلول (سبتمبر)، في حين توقع الاقتصاديون قراءة تبلغ 51.6 نقطة الشهر الماضي. يُذكر أن 50 هي العلامة الفاصلة بين التوسّع الاقتصادي والانكماش. وكان مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي يشهد ارتفاعاً منذ تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، وكانت قراءته الأعلى منذ 17 شهراً على التوالي. ووفق تقرير أعده الخبير الاقتصادي كميل عقاد، من شركة «آسيا للاستثمار»، يرجع الفضل لهذا النمو المنتظم إلى ارتفاع مستويات الإنتاج على المستويين المحلي والخارجي، من ناحية الواردات ومشتريات المواد الخام. لكن تبقى البطالة أحد الجوانب المثيرة للقلق، حيث انخفض معدل التوظيف إلى 49.1، واستمر في الانكماش ل17 شهراً على التوالي. ويشير الأداء الضعيف لمؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي إلى أن الإنتاج الصناعي يتجه نحو الاعتدال عن مستوى آب الذي كان الأعلى منذ 18 شهراً. ومع هذا، ينمو قطاع الخدمات بشكل كبير، فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات للقطاع غير الصناعي من 53.9 إلى 55.4 في أيلول، ما يشير إلى تحسن إضافي في مبيعات التجزئة. وعادة ما تكون قراءة المؤشر أعلى في قطاع الخدمات منها في القطاع الصناعي، لكن بما أن القراءة جاءت منخفضة خلال عام 2013، يأتي الارتفاع في أيلول تأكيداً على التحسن، وخصوصاً للحكومة التي تسعى للحفاظ على معدل نمو سنوي للناتج المحلي الإجمالي يبلغ 7.5 في المئة على أساس سنوي. وارتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال النصف الأول من العام بمعدل 7.6 في المئة في المتوسط على أساس سنوي. ويشير التقرير إلى أن مؤشر مديري المشتريات يتألف من بيانات مبنية على استفتاءات شهرية يجيب عنها مديرو مشتريات تنفيذيين في قطاعات مختلفة. وتزايدت أخيراً الأخطار النظامية في الاقتصاد العالمي، خصوصاً في الولاياتالمتحدة، حيث أوصل انعدام التسوية حول الموازنة إلى إغلاق جزئي للحكومة ما قد يجبر الولاياتالمتحدة على رفع سقف الدين وهو سيناريو خطر، كما أن منطقة اليورو لا تزال معرضة لعدم الاستقرار السيادي والمالي، كما اتضح الأسبوع الماضي في إيطاليا، إضافة إلى أن عملات الدول الآسيوية الناشئة معرضة للنفاذ. وتبقى الصين في خضم ذلك، أكثر أماناً من بقية أجزاء العالم، إلا أن أي انخفاض حاد في الطلب الخارجي قد يؤثر سلباً في الاقتصاد الصيني. وعلى رغم ذلك، كانت الصين تتأقلم مع انخفاض الطلب الخارجي منذ الأزمة المالية العالمية، وذلك من طريق تعزيز الاستثمارات، وبناء قاعدة من المستهلكين المحليين. وفي حالة أن الاقتصاد العالمي يعاني تباطؤاً آخر، يُرجح تقرير «آسيا للاستثمار» أن يتراجع النشاط الصناعي، وأن يعود مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي إلى الانكماش نتيجة تراجع الصادرات. كما سيتراجع الإنتاج الصناعي، إلا في حال عوّض ارتفاع الطلب المحلي تأثيرات الطلبات الخارجية، لكن يُ رجح أن يبقى قطاع الخدمات مزدهراً وغير متأثر بالتباطؤ الخارجي. وكانت الصناعة أسرع القطاعات الصينية نمواً منذ بداية الأزمة المالية العالمية إلى الربع الرابع من العام الماضي، ومنذ ذلك الحين يحافظ قطاع الخدمات على كونه الدافع للنمو الصيني، ويستمر على النهج نفسه. ويشير التقرير إلى أن هذا العامل يرفع من مقاومة الاقتصاد الصيني للصدمات الخارجية، كما يسهل من تحول الاقتصاد الصيني إلى اقتصاد يعتمد على الاستهلاك المحلي، وهو ما يحصل في الولاياتالمتحدة وغيرها من الدول المتقدمة. وجاء في التقرير «يُرجَح أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني في الفصول المقبلة، لكننا نرى أن مستوى النمو سيكون سهل الاستدامة. وستصبح قاعدة مستهلكي الصين هي الدافع وراء نمو الاقتصاد، بينما ترتفع الأجور، وتنتقل الصين تدريجاً لتصبح دولة مستوردة». وعلى رغم عدم تجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي 7.5 في المئة، وفق التوقعات، على أساس سنوي عام 2014، فالتطور في القطاعات التي تعتمد على المستهلكين والخدمات سينتج فرصاً استثمارية ذات عائدات مستدامة.