اختار سلفيو منطقة دماج في محافظة صعدة، شمال اليمن، النزوح من بلدتهم بعد نحو مئة يوم من المعارك مع الحوثيين، ملبين اقتراح الرئيس عبد ربه منصور هادي لوضع حد للمواجهات الطائفية التي امتدت إلى مناطق أخرى من البلاد، وسقط فيها مئات القتلى والجرحى، فيما عاد أمس مستشار الأمين العام للأمم المتحدة مبعوثه إلى اليمن جمال بنعمر إلى صنعاء لاستكمال جهوده الرامية إلى الانتهاء من أعمال الحوار الوطني. جاءت هذه التطورات، فيما تشهد مناطق جنوب البلاد اضطرابات مستمرة، يقودها مسلحو القبائل وعناصر «الحراك الجنوبي» المطالب بالانفصال عن الشمال، بالتزامن مع مساعيهم لحشد الآلاف اليوم في مختلف المدن إحياء لذكرى ما يعرف بيوم «التصالح والتسامح». وكشف السلفيون في بلدة دماج التي تضم نحو 15 ألف شخص وثيقة وقع عليها زعيمهم الشيخ يحيى الحجوري تقضي بموافقته على النزوح إلى محافظة الحديدة غرب البلاد مع طلابه والمدرسين في المعهد السلفي الذي أنشئ قبل ثلاثة عقود، وتولى إدارته بعد وفاة مؤسسه الشيخ السلفي مقبل الوادعي. وأكدوا أن القرار «جاء استجابة لاقتراح الرئيس هادي ولجان الوساطة الحكومية، وفي سياق المساعي لوضع حد للمعارك الطاحنة التي دارت بين السلفيين والحوثيين طوال ثلاثة أشهر وامتدت إلى مناطق أخرى من البلاد». واشترط الحجوري، على ما نصت الوثيقة، منحه «مهلة أربعة أيام للخروج وتبادل الجثامين مع الحوثيين، تنقله بعدها السلطات مع طلابه وذويهم وأمتعتهم وسلاحهم خارج صعدة التي يسيطر عليها الحوثيون، على أن يضمن الوسطاء عدم تعرض الحوثيين لسكان المنطقة الأصليين وتعويضهم مساكنهم المدمرة وعلاج جرحاهم واعتبار قتلاهم شهداء». ودان سياسيون وناشطون حقوقيون قرار نزوح سلفيي دماج، واعتبروه تهجيراً قسرياً، وقال الوزير اليمني السابق حمود الهتار على موقعه في «فايسبوك»: «أخشى أن يكون لقرار الرئيس بإخراج السلفيين من دماج تداعيات على أنصار الحوثي في طول البلاد وعرضها فقد يطالب الناس بمعاملتهم معاملة السلفيين في المناطق ذات الغالبية السنية». واعتبرت الناشطة الحائزة جائزة نوبل للسلام توكل كرمان خروج السلفيين من دماج «دليلاً على اتجاه غير رشيد يهدف إلى تقسيم اليمن طائفياً». وأضافت أن «مثل هذا الطرد الذي ندينه ونستنكره، نعده تصرفاً همجياً لا يليق باليمن الجديد» في غضون ذلك، عاد إلى صنعاء أمس، مستشار الأمين العام للأمم المتحدة مبعوثه إلى اليمن، جمال بنعمر لمواصلة جهوده الرامية إلى الانتهاء من مؤتمر الحوار الوطني، وقالت المصادر الحكومية إن الرئيس هادي استقبل المبعوث الأممي وأكد له «الحرص على تجاوز الصعوبات وإنجاح مؤتمر الحوار الذي يمثل جوهر التغيير وأساسه وترسم مخرجاته ملامح المستقبل وخريطة العمل الوطني المرتكزة على خيارات الشعب اليمني في بناء اليمن الجديد الذي تسوده الحرية والعدالة والحكم الرشيد». وتزامنت عودة المبعوث الأممي مع تفويض أعضاء مؤتمر الحوار هادي تشكيل لجنة تبت في الخلاف على عدد الأقاليم وحدودها في الدولة الاتحادية، في وقت توقعت مصادر مطلعة انعقاد الجلسة الختامية للحوار وإقرار وثيقته النهائية في غضون أسبوع. ونقلت المصادر الحكومية عن بنعمر قوله إن زيارته تأتي لدعم جهود هادي لإنهاء مؤتمر الحوار الوطني الذي أصبح في محطته الأخيرة، ولإعداد تقريره الدوري الذي سيقدمه إلى مجلس الأمن نهاية الشهر الجاري حول تطورات العملية الانتقالية. وعلى صعيد الأوضاع في جنوب البلاد، قالت مصادر محلية ل «الحياة» إن اشتباكات عنيفة اندلعت أمس بين مسلحين مجهولين وقوات اللواء 37 مدرع المرابط في منطقة الشحر التابعة لمحافظة حضرموت، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والرشاشات، في حين لم تعرف هوية المهاجمين ولا عدد الضحايا. وجاء الحادث، بعد ساعات من قتل ثلاثة جنود على الأقل في منطقة لإنتاج النفط وسط حضرموت برصاص مسلحي القبائل الموالين ل «الحراك الجنوبي» المطالب بالانفصال عن الشمال والساعي إلى السيطرة على مؤسسات الدولة والمنشآت الحيوية.