لا يصدق الكثير أن هناك عائلات ما زالت تسكن في بيوت مبنية من الطين ينامون على «الطوى»، ولا يأكلون في اليوم إلا وجبة واحدة، وسأسرد لكم بعضاً مما شاهدته في تلك الأحياء الفقيرة. في البداية، توجهت إلى مستشفى الشميسي في الرياض، ومنه تفرعت للأحياء، وفي كل شارع أجد مجموعة من الأطفال يلعبون والفرحة تعلو محياهم، عندما تسألهم عن العوائل المحتاجة في الحي الذي يسكنونه، أول ما يتوجهون بك إلى العوائل التي ليس لديهم رجال، ثم يتوجهون بك إلى الأيتام، ويتساءلون في ما بينهم عن أكثرهم حاجة. من أكثر المواقف التي أثارتني، وأنا خارج من المسجد بعد صلاة المغرب، انتظرت قليلاً لعلي أجد إمام المسجد أو أحداً من جماعة المسجد يدلني على البيوت المحتاجة، وخرج أحدهم وسلمت عليه، وأوضحت له ما أرغب فيه، فوافق وتنقل معنا من بيت إلى بيت، وكل مكان أدخله أجد مأساة أعظم من الأخرى. انتهينا من جولتنا عند الساعة 10 مساءً، وكان الرجل يساعدني بكل رحابة صدر، وبعدها طلبت منه وصف بيته لأنقله إليه، رفض بحجة أن الوقت تأخر علينا، وشكرنا وعرض خدماته علينا إن رغبنا في طلبها، عزمت على نقله إلى منزله، وافق على مضض، وعندما وصلنا إلى بيته، وجدته بيتاً شعبياً متهالكاً، استأذنته بالدخول ومشاهدته من الداخل، وافق على استحياء، ودخلت ووجدت البيت من دون أكل، ولا يوجد لديه مكيف ولا ثلاجة، «زيارتي له كانت في رمضان، والصيف كان على أشده». قال تعالى: «يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً». [email protected]