لم تكتفِ صور «سِلفي» Selfie بتسجيل اسمها رسميّاً في القاموس الإنكليزي، ولا بتكريمها من الإنترنت بوصفها كلمة العام 2013، بل سجّلت أيضاً معرضها الدولي الأول في لندن. وتصف «سِلفي» الصوَر التي يلتقطها الفرد لنفسه، سواء أكان منفرداً أو مع مجموعة. هل تمثّل «سِلفي» فنّاً أم أنها ناتجة من تصرّف نرجسي، أم كلا الأمرين معاً؟ ربما توصل بعض زوار المعرض البريطاني ل «سِلفي» إلى الإجابة عن هذه الأسئلة. ورعت كايل شايكا ومارينا غالبرينا، معرضاً لصُوَر «سِلفي» ضمن معرض فن الصور المتحرّكة المعاصرة في لندن، وهو كرّم مرور 85 عاماً على ابتكار شخصية «ميكي ماوس» في الرسوم المتحرّكة. وقدّم المعرض أفلاماً قصيرة ذاتيّة أيضاً من صنع 19 فناناً من أوروبا والولايات المتحدّة. وكي لا يظنّ البعض أنّ الصُوَرْة الذاتية هي ظاهرة جديدة نسبياً (وربما مزعجة)، أشار موقع «معرض الصُوَرْ المتحرّكة» إلى أنّ التصوير الذاتي يحظى بإرث فني طويل، ومن بين روّاده الرسّام رانبرانت، وهو موثّق ذاتي مُدمن، وكوربيه الذي صُوَرْ نفسه على هيئة غجري لطيف، والرسام فانسنت فان غوغ والمخرج المُبدع ستانلي كوبريك وغيرهم. ومع رواج الهواتف المزوّدة كاميرا رقميّة، باتت صور «سِلفي» رائجة بشدّة، وتهطل سيولها على مواقع الشبكات الاجتماعية على الإنترنت. للجماعة صورها أيضاً تحدّثت مجلة «تايم» الأميركية مع شايكا وغالبرينا حول معرض «سِلفي». وقارنتا صورة «سِلفي» برسم ال «بورتريه» الشخصي. فمثلاً، من ينسى رسم فان غوغ لنفسه بأذن مقطوعة؟ وأشارت شايكا إلى أن صورة «سِلفي» تتشابه مع رسم ال «بورتريه» الشخصي، مع بعض الفوارق. إذ تُلتقط «سِلفي» بشكل ارتجالي وسريع، في حين تحتاج معظم الرسوم الذاتية إلى عمل فني مضنٍ. وخلصت للقول أن كلا الأمرين ربما يرتكز إلى الدوافع عينها، ما يجعلهما مثيرَيْن باستمرار. في آب (أغسطس) 2013، تبنى قاموس «أوكسفورد» مصطلح «سِلفي» رسميّاً معرّفاً إياها بأنها صورة التقطها شخص لنفسه بواسطة كاميرا هاتف ذكي أو كاميرا ويب، ثمّ حُمّلت على موقع تواصل اجتماعي. هناك ترابط بين «سِلفي» ومواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك بخدمات مشاركة الصور في «تويتر» و «فايسبوك» و «إنستاغرام» و «سناب تشات» و «فاين» وغيرها. كما أن «سِلفي» هي صور عرضيّة في أغلب الأحيان، يلتقطها الشخص بواسطة كاميرا يوجهها إلى نفسه عبر مدّ ذراعه أو النظر إلى مرآة، وهي تظهِر المُصوّر وحده أو برفقة آخرين. وعندما تشمل «سِلفي» أشخاصاً عديدين، يشار إليها باسم «الصُوَرْ الذاتيّة الجماعيّة» Collective Selfie. وفي صيف 2013، أنتجت صحيفة ال «غارديان» مُسلسلاً مصُوّراً بعنوان «ثينكفلوينسر»، يستكشف مدى رواج ال «سِلفي» في المملكة المتحدّة. وفي شكل عام، تُعتبر الرسوم الذاتية أكثر وسائل الإبداع ديموقراطيّة، كما تُعتبر متنفّساً في مجال الأداء التمثيليّ يسمح للذات الاجتماعيّة بالتعبير عن حضورها، إضافة إلى كونها وسيلة ذات طابع حميمي لإخراج العواطف الشخصيّة لمن يمارسونها. واستخدم المعرض اللندني شاشتين لعرض سلسلة من أشرطة «سِلفي» أيضاً، التي صُمّمت خصيصاً للمشروع، وتصل مدة كل شريط إلى 30 ثانية أو أقل. واحتفى المعرض بأعمال فنانين كبوني روجرز، ورولين ليونارد، وجيسون موسون، ويانغ جيك، وليسلي كوليش، وجيس دارلينغ، وهم الذين تتراوح أعمالهم بين الاعترافات الشعرية على الإنترنت والتعليقات المضحكة بشأن الميول الفضائحيّة والرسوم الذاتيّة التجريبية في الإعلام الجديد. وصُنِعَت 5 نسخ من أعمال كل فنان، وبيعت النسخة مقابل 500 دولار في المعرض. وقدّم المعرض اللندني أيضاً تطبيقاً تفاعليّاً يتيح إضفاء لمسات غرائبيّة على صُوَرْ «سِلفي».