أثار معرض «لوحة في كل بيت» الذي أقيم أخيراً ونظمته جمعية الثقافة والفنون بالتعاون مع «أتيليه جدة»، جدلاً في أوساط التشكيليين، عقب سحب التشكيلية رشا المازن أعمالها من المعرض. وأكد الفنان التشكيلي مشعل العمري أن جمعية الثقافة والفنون لم تمهل لجنة إجازة الأعمال الفنية، التي هو عضو فيها والمنوط بها اختيار اللوحات المشاركة في معرض «لوحة في كل بيت»، الوقت الكافي لممارسة عملها، معتبراً تصرف مدير الجمعية ريان ثقة تدخلاً مباشراً في عمل اللجنة الفنية بتصحيح وتغيير قراراتها أثناء اتخاذها. جاء تصريحه هذا ل«الحياة» على خلفية منع لوحة للفنانة رشا المازن من العرض. وقال العمري إنه لا يتعامل مع أشخاص «بل مع أعمال موجودة أمامي». وأشار إلى أن العملية التنظيمية «لم تتم بشكل طبيعي ولم يكن بالإمكان أن نجتمع بالفنانة». وأضاف: «أنا عضو في اللجنة وقدمت وجهة نظري في لوحتين وأحمد فلمان اعترض على 15 لوحة، إذ يرى أن أي جزء من الجسد كتف أو يد أو قدم أو فخذ يجب أن يستعبد، بينما اعترض عبدالله إدريس على لوحة واحدة، ومع ذلك لم يتم منع إلا لوحة واحدة، صوتنا عليها أنا وفلمبان، واستبدلت بعض اللوحات وأعيدت، ولا أستبعد أن تعاد اللوحات المستبعدة للمعرض مرة أخرى، لأن اللجنة بوضعها الحالي لا تسير في الطريق الصحيح، ولا توجد متابعة لقرارتها». وكانت اللجنة الفنية المكونة من الفنانين أحمد فلمبان ومشعل العمري وعبدالله إدريس جاءت إلى الصالة التي يملكها الفنان التشكيلي طه صبان، بحضور مدير الجمعية بالإنابة ريان ثقة. وهو ما وصفه العمري: بمحاولة لتمرير المعرض بأي طريقة». وقال: «تم تعمّد تمرير المعرض حتى لا نعترض ولا نتناقش، ومن المعلوم أن المعرض أشبه ببازار وهدفه تجاري بحت». بينما أكد مدير الإتيليه هشام قنديل أن اللوحات المعروضة في يوم الافتتاح «أكثر من 700 لوحة، بعضها بيعت لذلك استبدلناها بأعمال جديدة للفنانين أنفسهم والمعرض قارب ألف لوحة الآن». ولفت العمري إلى أن العملية في أول الطريق «ولا نملك معايير محددة وواضحة تلزمنا وتُحمّلنا المسؤولية، كلها اجتهادات شخصية. وأنا اجتهدت شخصياً وأرى أن اللوحة فيها مباشرة ولم تعالج فنياً بطريقة راقية لذلك استبعدت». وأوضحت رشا المازن أنها سحبت لوحاتها جميعاً من العرض، بعد منع إحداها، بسبب شعورها «بالإهانة». وقالت: «أنا أعرف حدودي وأحترم حدود المجتمع الذي أتعامل معه، حضرت يوم الافتتاح ولم أجد إحدى لوحاتي الثلاث التي تكوّن في مجموعها قصة واحدة». وأضافت: توقعت أن تكون اللجنة أكثر رقياً ولها معاييرها الواضحة، ومثل ما يحدث في كل دول العالم، من المفترض أن تجتمع اللجنة وتتناقش معي قبل أن تمنع اللوحة في حوار فني بشكل موضوعي وبعدها تقرر». وقال عضو اللجنة الفنية التشكيلي عبدالله إدريس، الذي لم يذهب كما ذهب العضوان الآخران إلى منع لوحة المازن، إن لجان الرقابة «تأتي إلى المعرض وهي تحمل في تصوراتها تلك الخطوط الحمراء والثنائيات وقد تقمصت دوراً أمنياً ودينياً على الأخلاق والمجتمع، وهذا يرجع إلى مستوى ثقافة هذه اللجان التي قوامها تكريس النمطية السائدة والنظرة المحدودة في عملية التلقي للفن والإبداع. والرفض لكل ما هو غير مألوف ومطروح أو الإيحاء بالولاء والأخلاق والمزايدة على الانتماء الوطني». وبين إدريس أن «الرقابة البدائية» المستمرة إلى اليوم على المصنفات الإبداعية أو الفكرية: تجد نفسها خارج سياق متطلبات عصر الإعلام الجديد وسهولة الوصول للحقائق والمعلومات، وإن كانت عملية إدارية لا بد منها فيجب أن تستند متغيرات وآليات جديدة وإلى معايير واضحة في إجازة الأعمال القائمة». وأضاف: «اللجان أيضاً لا ترتكز على مبدأ تحليل المضامين الفنية في العمل، هي ما زالت غائبة عن ذلك، سواء أكانت من الأفراد الإداريين أم الفنانين التشكيليين الذين انضموا إلى فريق الإجازة أخيراً، والسبب عدم استيعاب «المراقب» لعوالم العمل الفني واستبداله الواقع بخيال فيه نبرة من السخرية، أي أنه لا يعطي لنفسه فسحة خيالية بديلة، وهي وجهة نظر تتطلب مساحة أكبر من الحرية بحيث لا تستهدف أشخاصاً أو عقائد أو مجتمعاً بعينه». وأكد إدريس أن لوحة الفنانة رشا المازن التي منعتها اللجنة «تأتي في السياق نفسه». ويرى أنها «لا تحتاج إلى توضيحات ظاهرية بقدر ما تحمل في مضامينها أبعاداً بديلة يقدمها الفنان في عالم إنساني أكثر مرونة، يخضع لمقاومة عوالمه الفنية». يذكر أن المدير العام للجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون عبدالعزيز السماعيل كرم مدير إتيليه جدة للفنون الجميلة هشام قنديل لدور الصالة الرائد والفعال في إثراء الحركة التشكيلية السعودية.