أجرى وسطاء مجموعة دول شرق أفريقيا للتنمية (إيغاد) مشاورات أمس، مع وفدي رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت ونائبه السابق رياك مشار كل على حدة، في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، تمهيداً لجولة مفاوضات شاقة لوقف نزيف الدم في الدولة الوليدة، فيما تواصل القتال في ولايتي جونقلي والوحدة، حيث أعلنت حكومة الجنوب حال طوارئ. وعلمت «الحياة» أن الوسطاء سيطرحون على رئيسي وفدي الحكومة وزير الخارجية السابق نيال دينق والمتمردين حاكم ولاية الوحدة السابق تعبان دينق، اقتراحات تتعلق بإجراءات لبناء الثقة توقف النار قبل الدخول في محادثات لمعالجة الملفات السياسية والأمنية. وأبرزها تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة سلفاكير تشارك فيها كل القوى المتخاصمة، تحضيراً لانتخابات رئاسية وبرلمانية مراقبة دولياً. وقال ل «الحياة» مسؤول في فريق الوساطة الأفريقية إن مشار وافق مبدئياً على اقتراح الوسطاء لكنه يشترط تعهداً من سلفاكير بعدم ترشيح نفسه بعد ولايته الحالية العام المقبل، وإجراء تحقيق دولي في مقتل ألف شخص من قبيلة «النوير» ومحاكمة المسؤولين عن القتل وانتهاكات حقوق الإنسان. وأعلنت «إيغاد» أن محادثات أديس أبابا ستركز على مناقشة تنفيذ وقف للنار وآليات مراقبته، سعياً إلى إنهاء القتال الذي أودى بحياة حوالى ألف شخص وسبّب اضطراباً في أسواق النفط وأجج مخاوف من اتساع الصراع. وأعرب الاتحاد الأفريقي عن «حزن أفريقيا وخيبة أملها لرؤية أحدث دولة في القارة تنحدر بسرعة كبيرة إلى أتون نزاعات داخلية»، محذراً من «حرب أهلية شاملة ستكون عواقبها وخيمة على السلام والأمن والاستقرار الإقليمي». وقال رئيس حزب «الحركة الشعبية - التغيير الديموقراطي» المعارض لام أكول، وهو عضو في وفد جوبا إلى المفاوضات، إن أزمة جنوب السودان سياسية وباتت أكبر من حصرها في اتفاقات ثنائية بين سلفاكير ومشار. ورأى أن «المشكلة قومية وتحتاج إلى حل قومي»، داعياً إلى طاولة مستديرة تضم كل الأطراف الجنوبية لوضع حلول دائمة للخلافات. في غضون ذلك، أعلن سلفاكير حال طوارئ في ولايتي الوحدة وجونقلي اللتين يسيطر المتمردون على عاصمتيهما، فيما سُمع إطلاق نار قرب القصر الرئاسي في جوبا ليل الأربعاء. وقال ناطق باسم الرئاسة إن قوات الأمن أطلقت النار على مدنيين انتهكوا حظر التجول. ونفى رئيس أركان جيش جنوب السودان جيمس هوث تقدم المسلحين التابعين لمشار نحو العاصمة جوبا. وقال خلال مؤتمر صحافي أمس، إن «لا أثر لزحف المتمردين على جوبا»، لكنه أقر باشتباكات على مشارف العاصمة قبل يومين، أسفرت عن مقتل جندي من أنصار سلفاكير. وكان هوث يرد على تصريح لمشار، قال فيه إن مسلحيه سيجتاحون جوبا. ودفع الجيش الجنوبي أمس، بتعزيزات إلى مقاطعة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة النفطية، في محاولة لاسترداد أجزاء منها تقع تحت سيطرة المتمردين. وقال الناطق باسم الجيش فيليب أغوير إن القتال مستمر في منطقة ميوم في ولاية الوحدة وحول حقول نفط في شمالها، موضحاً أن المعلومات تشير إلى عمليات تخريب في مواقع النفط نفذتها مجموعات من المتمردين. وأكد أغوير أن «الجيش أحكم السيطرة على شمال بانتيو ومنطقة ميوم، ويتأهب لاسترداد المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين». وأضاف أن الجيش انسحب بصورة تكتيكية من بور عاصمة ولاية جونقلي بعد استيلاء قوة متمردة عليها، لكن القتال ما زال مستمراً قرب المدينة. واعتبر استعادة السيطرة عليها «مسألة وقت».